Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 82, Ayat: 1-19)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

انفطارها تقدم الكلام فيه ، وانتثار الكواكب : سقوطها من مواضعها كالنظام . وقرأ الجمهور : { فجرت } بتشديد الجيم ؛ ومجاهد والربيع بن خيثم والزعفراني والثوري : بخفها ، وتفجيرها من امتلائها ، فتفجر من أعلاها وتفيض على ما يليها ، أو من أسفلها فيذهب الله ماءها حيث أراد . وعن مجاهد : فجرت مبنياً للفاعل مخففاً بمعنى : بغت لزوال البرزخ نظراً إلى قوله تعالى : { لا يبغيان } [ الرحمن : 20 ] لأن البغي والفجر متقابلان . { بعثرت } ، قال ابن عباس : بحثت . وقال السدي : أثيرت لبعث الأموات . وقال الفراء : أخرج ما في بطنها من الذهب والفضة . وقال الزمخشري : بعثر وبحثر بمعنى واحد ، وهما مركبان من البعث والبحث مع راء مضمومة إليهما ، والمعنى : بحثت وأخرج موتاها . وقيل : البراءة المبعثرة ، لأنها بعثرت أسرار المنافقين . انتهى . فظاهر قوله أنهما مركبان أن مادتهما ما ذكر ، وأن الراء ضمت إلى هذه المادة ، والأمر ليس كما يقتضيه كلامه ، لأن الراء ليست من حروف الزيادة ، بل هما مادتان مختلفتان وإن اتفقا من حيث المعنى . وأما أن إحداهما مركبة من كذا فلا ، ونظيره قولهم : دمث ودمثر وسب وسبطر . { ما قدمت وأخرت } : تقدم الكلام على شبهه في سورة القيامة . وقرأ الجمهور : { ما غرك } ، فما استفهامية . وقرأ ابن جبير والأعمش : ما أغرك بهمزة ، فاحتمل أن يكون تعجباً ، واحتمل أن تكون ما استفهامية ، وأغرك بمعنى أدخلك في الغرة . وقال الزمخشري : من قولك غر الرجل فهو غار ، إذا غفل من قولك بينهم العدو وهم غارون ، وأغرة غيره : جعله غاراً . انتهى . وروي أنه عليه الصلاة والسلام قرأ : { ما غرك بربك الكريم } ، فقال : جهله وقاله عمر رضي الله تعالى عنه وقرأ { أنه كان ظلوماً جهولاً } [ الأحزاب : 92 ] ، وهذا يترتب في الكافر والعاصي . وقال قتادة : عدوه المسلط عليه ، وقيل : ستر الله عليه . وقيل : كرم الله ولطفه يلقن هذا الجواب ، فهذا لطف بالعاصي المؤمن . وقيل : عفوه عنه إن لم يعاقبه أول مرة . وقال الفضيل رضي الله عنه : ستره المرخى . وقال ابن السماك : @ يا كاتم الذنب أما تستحي والله في الخلوة رائيكا غرك من ربك إمهاله وستره طول مساويكا @@ وقال الزمخشري : في جواب الفضيل ، وهذا على سبيل الاعتراف بالخطأ . بالاغترار : بالستر ، وليس باعتذار كما يظنه الطماع ، ويظن به قصاص الحشوية ، ويروون عن أئمتهم إنما قال : { بربك الكريم } دون سائر صفاته ، ليلقن عبده الجواب حتى يقول : غرني كونه الكريم . انتهى . وهو عادته في الطعن على أهل السنة . { فسواك } : جعلك سوياً في أعضائك ، { فعدلك } : صيرك معتدلاً متناسب الخلق من غير تفاوت . وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وطلحة والأعمش وعيسى وأبو جعفر والكوفيون : بخف الدال ؛ وباقي السبعة : بشدها . وقراءة التخفيف إما أن تكون كقراءة التشديد ، أي عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت ، وإما أن يكون معناه فصرفك . يقال : عدله عن الطريق : أي عدلك عن خلقة غيرك إلى خلقة حسنة مفارقة لسائر الخلق ، أو فعدلك إلى بعض الأشكال والهيئات . والظاهر أن قوله : . { في أي صورة } يتعلق بربك ، أي وضعك في صورة اقتضتها مشيئة من حسن وطول وذكورة ، وشبه ببعض الأقارب أو مقابل ذلك . وما زائدة ، وشاء في موضع الصفة لصورة ، ولم يعطف { ركبك } بالفاء كالذي قبله ، لأنه بيان لعدلك ، وكون في أي صورة متعلقاً بربك هو قول الجمهور . وقيل : يتعلق بمحذوف ، أي ركبك حاصلاً في بعض الصور . وقال بعض المتأولين : إنه يتعلق بقوله : { فعدلك } ، أي : فعدلك في صورة ، أي صورة ؛ وأي تقتضي التعجيب والتعظيم ، فلم يجعلك في صورة خنزير أو حمار ؛ وعلى هذا تكون ما منصوبة بشاء ، كأنه قال : أي تركيب حسن شاء ركبك ، والتركيب : التأليف وجمع شيء إلى شيء . وأدغم خارجة عن نافع ركبك كلا ، كأبي عمرو في إدغامه الكبير . وكلا : ردع وزجر لما دل عليه ما قبله من اغترارهم بالله تعالى ، أو لما دل عليه ما بعد كلا من تكذيبهم بيوم الجزاء والدين أو شريعة الإسلام . وقرأ الجمهور : { بل تكذبون } بالتاء ، خطاباً للكفار ؛ والحسن وأبو جعفر وشيبة وأبو بشر : بياء الغيبة . { وإن عليكم لحافظين } : استئناف إخبار ، أي عليهم من يحفظ أعمالهم ويضبطها . ويظهر أنها جملة حالية ، والواو واو الحال ، أي تكذبون بيوم الجزاء . والكاتبون : الحفظة يضبطون أعمالكم لأن تجازوا عليها ، وفي تعظيم الكتبة بالثناء عليهم تعظيم لأمر الجزاء . وقرأ الجمهور : { يصلونها } ، مضارع صلى مخففاً ؛ وابن مقسم : مشدّداً مبنياً للمفعول . { يعلمون ما تفعلون } ، فيكتبون ما تعلق به الجزاء . قال الحسن : يعلمون ما ظهر دون حديث النفس . وقال سفيان : إذا هم العبد بالحسنة أو السيئة ، وجد الكاتبان ريحها . وقال الحسين بن الفضل : حيث قال يعلمون ولم يقل يكتبون دل على أنه لا يكتب الجميع فيخرج عنه السهو والخطأ وما لا تبعة فيه . { وما هم عنها بغائبين } : أي عن الجحيم ، أي لا يمكنهم الغيبة ، كقوله : { وما هم بخارجين من النار } [ البقرة : 167 ] وقيل : إنهم مشاهدوها في البرزخ . لما أخبر عن صليهم يوم القيامة ، أخبر بانتفاء غيبتهم عنها قبل الصلي ، أي يرون مقاعدهم من النار . { وما أدراك } : تعظيم لهول ذلك اليوم . وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى وابن جندب وابن كثير وأبو عمرو : { يوم لا تملك } برفع الميم ، أي هو يوم ، وأجاز الزمخشري فيه أن يكون بدلاً مما قبله . وقرأ محبوب عن أبي عمرو : يوم لا تملك على التنكير منوناً مرفوعاً فكه عن الإضافة وارتفاعه على هو يوم ، ولا تملك جملة في موضع الصفة ، والعائد محذوف ، أي لا تملك فيه . وقرأ زيد بن علي والحسن وأبو جعفر وشيبة والأعرج وباقي السبعة : يوم بالفتح على الظرف ، فعند البصريين هي حركة إعراب ، وعند الكوفيين يجوز أن تكون حركة بناء ، وهو على التقديرين في موضع رفع خبر المحذوف تقديره : الجزاء يوم لا تملك ، أو في موضع نصب على الظرف ، أي يدانون يوم لا تملك ، أو على أنه مفعول به ، أي اذكر يوم لا تملك . ويجوز على رأي من يجيز بناءه أن يكون في موضع رفع خبر المبتدأ محذوف تقديره : هو . { يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً } : عام كقوله : { فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضراً } [ سبأ : 42 ] وقال مقاتل : لنفس كافرة شيئاً من المنفعة . { والأمر يومئذ لله } ، قال قتادة : وكذلك هو اليوم ، لكنه هناك لا يدعي أحد منازعة ، ولا يمكن هو أحداً مما كان ملكه في الدنيا .