Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 94, Ayat: 1-8)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقرأ الجمهور : { نشرح } بجزم الحاء لدخول الجازم . وقرأ أبو جعفر : بفتحها ، وخرجه ابن عطية في كتابه على أنه ألم نشرحن ، فأبدل من النون ألفاً ، ثم حذفها تخفيفاً ، فيكون مثل ما أنشده أبو زيد في نوادره من قول الراجز : @ من أي يومي من الموت أفر أيوم لم يقدر أم يوم قدر @@ وقال الشاعر : @ أضرب عنك الهموم طارقها ضربك بالسيف قونس الفرس @@ وقال : قراءة مرذولة . وقال الزمخشري : وقد ذكرها عن أبي جعفر المنصور ، وقالوا : لعله بين الحاء ، وأشبعها في مخرجها فظن السامع أنه فتحها ، انتهى . ولهذه القراءة تخريج أحسن من هذا كله ، وهو أنه لغة لبعض العرب حكاها اللحياني في نوادره ، وهي الجزم بلن والنصب بلم عكس المعروف عند الناس . وأنشد قول عائشة بنت الأعجم تمدح المختار بن أبي عبيد ، وهو القائم بثأر الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما : @ قد كان سمك الهدى ينهد قائمه حتى أتيح له المختار فانعمدا في كل ما هم أمضى رأيه قدماً ولم يشاور في إقدامه أحدا @@ بنصب يشاور ، وهذا محتمل للتخريجين ، وهو أحسن مما تقدم . { ووضعنا عنك وزرك } : كناية عن عصمته من الذنوب وتطهيره من الأدناس ، عبر عن ذلك بالحط على سبيل المبالغة في انتفاء ذلك ، كما يقول القائل : رفعت عنك مشقة الزيارة ، لمن لم يصدر منه زيارة ، على طريق المبالغة في انتفاء الزيارة منه . وقال أهل اللغة : أنقض الحمل ظهر الناقة ، إذا سمعت له صريراً من شدة الحمل ، وسمعت نقيض المرجل : أي صريره . قال عباس بن مرداس : @ وأنقض ظهري ما تطويت منهم وكنت عليهم مشفقاً متحننا @@ وقال جميل : @ وحتى تداعت بالنقيض حباله وهمت بوأي زورة أن نحطها @@ والنقيض : صوت الانقضاض والانفكاك . { ورفعنا لك ذكرك } : هو أن قرنه بذكره تعالى في كلمة الشهادة والأذان والإقامة والتشهد والخطب ، وفي غير موضع من القرآن ، وفي تسميته نبي الله ورسول الله ، وذكره في كتب الأولين ، والأخذ على الأنبياء وأممهم أن يؤمنوا به . وقال حسان : @ أغر عليه للنبوة خاتم من الله مشهور يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد @@ وتعديد هذه النعم عليه صلى الله عليه وسلم يقتضي أنه تعالى كما أحسن إليك بهذه المراتب ، فإنه يحسن إليك بظفرك على أعدائك وينصرك عليهم . وكان الكفار أيضاً يعيرون المؤمنين بالفقر ، فذكره هذه النعم وقوى رجاءه بقوله : { فإن مع العسر يسراً } : أي مع الضيق فرجاً . ثم كرر ذلك مبالغة في حصول اليسر . ولما كان اليسر يعتقب العسر من غير تطاول أزمان ، جعل كأنه معه ، وفي ذلك تبشيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحصول اليسر عاجلاً . والظاهر أن التكرار للتوكيد ، كما قلنا . وقيل : تكرر اليسر باعتبار المحل ، فيسر في الدنيا ويسر في الآخرة . وقيل : مع كل عسر يسر ، إن من حيث أن العسر معرف بالعهد ، واليسر منكر ، فالأول غير الثاني . وفي الحديث : " لن يغلب عسر يسرين " وضم سين العسر ويسراً فيهن ابن وثاب وأبو جعفر وعيسى ، وسكنهما الجمهور . ولما عدد تعالى نعمه السابقة عليه صلى الله عليه وسلم ، ووعده بتيسير ما عسره ، أمره بأن يدأب في العبادة إذا فرغ من مثلها ولا يفتر . وقال ابن مسعود : { فإذا فرغت } من فرضك ، { فانصب } في التنفل عبادة لربك . وقال أيضاً : { فانصب } في قيام الليل . وقال مجاهد : قال { فإذا فرغت } من شغل دنياك ، { فانصب } في عبادة ربك . وقال ابن عباس وقتادة : { فإذا فرغت } من الصلاة ، { فانصب } في الدعاء . وقال الحسن : { فإذا فرغت } من الجهاد ، { فانصب } في العبادة . ويعترض قوله هذا بأن الجهاد فرض بالمدينة . وقرأ الجمهور : { فرغت } بفتح الراء ؛ وأبو السمال : بكسرها ، وهي لغة . قال الزمخشري : ليست بفصيحة . وقرأ الجمهور : { فانصب } بسكون الباء خفيفة ، وقوم : بشدها مفتوحة من الأنصاب . وقرأ آخرون من الإمامية : فانصب بكسر الصاد بمعنى : إذا فرغت من الرسالة فانصب خليفة . قال ابن عطية : وهي قراءة شاذة ضعيفة المعنى لم تثبت عن عالم ، انتهى . وقرأ الجمهور : { فارغب } ، أمر من رغب ثلاثياً : أي اصرف وجه الرغبات إليه لا إلى سواه . وقرأ زيد بن علي وابن أبي عبلة : فرغت ، أمر من رغب بشد الغين .