Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 15-15)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

غاظهم ما في القرآن من ذمّ عبادة الأوثان والوعيد للمشركين ، فقالوا { ٱئْتِ بِقُرْءانٍ } آخر ليس فيه ما يغيظنا من ذلك نتبعك { أَوْ بَدّلْهُ } بأن تجعل مكان آية عذاب آية رحمة ، وتسقط ذكر الآلهة وذمّ عبادتها . فأمر بأن يجيب عن التبديل ، لأنه داخل تحت قدرة الإنسان ، وهو أن يضع مكان آية عذاب آية رحمة مما أنزل ، وأن يسقط ذكر الآلهة . وأما الإتيان بقرآن آخر ، فغير مقدور عليه للإنسان { مَا يَكُونُ لِى } ما ينبغي لي وما يحلّ ، كقوله تعالى { مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقّ } المائدة 116 . { أَنْ أُبَدّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِى } من قبل نفسي . وقرىء بفتح التاء من غير أن يأمرني بذلك ربي { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَىَّ } لا آتي ولا أذر شيئاً من نحو ذلك ، إلاّ متبعاً لوحي الله وأوامره ، إن نسخت آية تبعت النسخ ، وأن بدِّلت آية مكان آية تبعت التبديل ، وليس إليّ تبديل ولا نسخ { إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى } بالتبديل والنسخ من عند نفسي { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } . فإن قلت أما ظهر وتبين لهم العجز عن الإتيان بمثل القرآن حتى قالوا { ٱئْتِ بِقُرْءانٍ غَيْرِ هَـٰذَا } ؟ قلت بلى ، ولكنهم كانوا لا يعترفون بالعجز ، وكانوا يقولون لو نشاء لقلنا مثل هذا . ويقولون افترى على الله كذباً ، فينسبونه إلى الرسول ويزعمونه قادراً عليه وعلى مثله . مع علمهم بأنّ العرب مع كثرة فصحائها وبلغائها إذا عجزوا عنه ، كان الواحد منهم أعجز . فإن قلت لعلهم أرادوا ائت بقرآن غير هذا أو بدّله ، من جهة الوحي كما أتيت بالقرآن من جهته . وأراد بقوله { مَا يَكُونُ لِى } ما يتسهل لي وما يمكنني أن أُبدّله . قلت يردّه قوله { إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى } . فإن قلت فما كان غرضهم وهم أدهى الناس وأنكرهم في هذا الاقتراح ؟ قلت الكيد والمكر . أما اقتراح إبدال قرآن بقرآن ، ففيه أنه من عندك وأنك قادر على مثله ، فأبدل مكانه آخر ، وأما اقتراح التبديل والتغيير ، فللطمع ولاختبار الحال . وأنه إن وجد منه تبديل ، فإما أن يهلكه الله فينجو منه ، أو لا يهلكه فيسخروا منه ، ويجعلوا التبديل حجة عليه وتصحيحاً لافترائه على الله .