Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 75-78)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مّن بَعْدِهِمْ } من بعد الرسل { بِـئَايَـٰتِنَا } بالآيات التسع { فَٱسْتَكْبَرُواْ } عن قبولها ، وهو أعظم الكبر أن يتهاون العبيد برسالة ربهم بعد تبينها ، ويتعظموا عن تقبلها { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } كفاراً ذوي آثام عظام ، فلذلك استكبروا عنها واجترءوا على ردّها { فَلَمَّا جَاءهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا } فلما عرفوا أنه هو الحق ، وأنه من عند الله ، لا من قبل موسى وهارون { قَالُوۤاْ } لحبهم الشهوات { إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } وهم يعلمون أنّ الحق أبعد شيء من السحر الذي ليس إلاّ تمويهاً وباطلاً . فإن قلت هم قطعوا بقولهم { إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } على أنه سحر ، فكيف قيل لهم أتقولون أسحر هذا ؟ قلت فيه أوجه أن يكون معنى قوله { أَتقُولُونَ لِلْحَقّ } أتعيبونه وتطعنون فيه . وكان عليكم أن تذعنوا له وتعظموه ، من قولهم فلان يخاف القالة ، وبين الناس تقاول إذا قال بعضهم لبعض ما يسوؤه ، ونحو القول الذكر ، في قوله { سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ } الأنبياء 60 ثم قال { أَسِحْرٌ هَـٰذَا } فأنكر ما قالوه في عيبه والطعن عليه ، وأن يحذف مفعول أتقولون وهو ما دلّ عليه قولهم { إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } كأنه قيل أتقولون ما تقولون ، يعني قولهم إن هذا لسحر مبين ، ثم قيل أسحر هذا ؟ وأن يكون جملة قوله { أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُونَ } حكاية لكلامهم ، كأنهم قالوا أَجئتما بالسحر تطلبان به الفلاح { وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُونَ } كما قال موسى للسحرة ما جئتم به آلسحر ، إنّ الله سيبطله { لِتَلْفِتَنَا } لتصرفنا . واللفت والفتل أخوان ، ومطاوعهما الالتفات والانفتال { عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا } يعنون عبادة الأصنام { وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَاء } أي الملك لأن الملوك موصوفون بالكبر . ولذلك قيل للملك الجبار ، ووصف بالصيد والشوس ، ولذلك وصف ابن الرقيات مصعباً في قوله @ مُلْكُهُ مُلْكُ رَأْفَةٍ لَيْسَ فِيه جَبَرُوتٌ مِنْهُ وَلاَ كُبْرِيَاءُ @@ ينفي ما عليه الملوك من ذلك . ويجوز أن يقصدوا ذمّهما وأنهما إن ملكا أرض مصر تجبرا وتكبرا ، كما قال القبطي لموسى عليه السلام إن تريد إلاّ أن تكون جباراً في الأرض { وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } أي مصدّقين لكما فيما جئتما به . وقرىء « يطبع » ويكون لكما ، بالياء .