Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 91-92)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ءآلئَٰنَ } أتؤمن الساعة في وقت الاضطرار حين أدركك الغرق وأيست من نفسك . قيل قال ذلك حين ألجمه الغرق يعني حين أوشك أن يغرق . وقيل قاله بعد أن غرق في نفسه . والذي يحكي أنه حين قال { ءامَنتُ } أخذ جبريل من حال البحر فدسه في فيه ، فللغضب لله على الكافر في وقت قد علم أنّ إيمانه لا ينفعه . وأمّا ما يضم إليه من قولهم خشية أن تدركه رحمة الله فمن زيادات الباهتين لله وملائكته وفيه جهالتان ، إحداهما أنّ الإيمان يصحّ بالقلب كإيمان الأخرس ، فحال البحر لا يمنعه . والأخرى أنّ من كره إيمان الكافر وأحبّ بقاءه على الكفر فهو كافر لأن الرضا بالكفر كفر { مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } من الضالين المضلين عن الإيمان ، كقوله { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } النحل 98 . وروي أنّ جبريل عليه السلام أتاه بفتيا ما قول الأمير في عبد لرجل نشأ في ماله ونعمته فكفر نعمته وجحد حقه وادّعى السيادة دونه ؟ فكتب فرعون فيه يقول أبو العباس الوليد بن مصعب جزاء العبد الخارج على سيده الكافر نعماه أن يغرق في البحر ، فلما ألجمه الغرق ناوله جبريل خطه فعرفه { نُنَجّيكَ } بالتشديد والتخفيف نبعدك مما وقع فيه قومك من قعر البحر . وقيل نلقيك بنجوة من الأرض . وقرىء « ننحيك » بالحاء نلقيك بناحية مما يلي البحر ، وذلك أنه طرح بعد الغرق بجانب البحر قال كعب رماه الماء إلى الساحل كأنه ثور { بِبَدَنِكَ } في موضع الحال ، أي في الحال التي لا روح فيك ، وإنما أنت بدن ، أو ببدنك كاملاً سوياً لم ينقص منه شيء ولم يتغير ، أو عرياناً لست إلا بدناً من غير لباس ، أو بدرعك . قال عمرو بن معديكرب @ أَعَاذِلُ شكَّتِي بَدَنِي وَسَيْفِي وَكُلُّ مُقَلِّصٍ سَلِسُ القِيَادِ @@ وكانت له درع من ذهب يعرف بها . وقرأ أبو حنيفة رحمه الله « بأبدانك » هو على وجهين إما أن يكون مثل قولهم هوى بأجرامه ، يعني ببدنك كله وافياً بأجزائه . أو يريد بدروعك كأنه كان مظاهراً بينها { لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً } لمن وراءك من الناس علامة ، وهم بنو إسرائيل ، وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأناً من أن يغرق . وروي أنهم قالوا ما مات فرعون ولا يموت أبداً . وقيل أخبرهم موسى بهلاكه فلم يصدّقوه ، فألقاه الله على الساحل حتى عاينوه ، وكأن مطرحه كان على ممرّ من بني إسارئيل حتى قيل لمن خلفك . وقيل { لِمَنْ خَلْفَكَ } لمن يأتي بعدك من القرون . ومعنى كونه آية أن تظهر للناس عبوديته ومهانته ، وأنّ ما كان يدّعيه من الربوبية باطل محال ، وأنه مع ما كان فيه من عظم الشأن وكبرياء الملك آل أمره إلى ما ترون لعصيانه ربه عزّ وجلّ ، فما الظنّ بغيره ، أو لتكون عبرة تعتبر بها الأمم بعدك ، فلا يجترئوا على نحو ما اجترأت عليه إذا سمعوا بحالك وبهوانك على الله . وقرىء « لمن خلقك » بالقاف أي لتكون لخالقك آية كسائر آياته . ويجوز أن يراد ليكون طرحك على الساحل وحدك وتمييزك من بين المغرقين لئلا يشتبه على الناس أمرك ، ولئلا يقولوا لادّعائك العظمة إنّ مثله لا يغرق ولا يموت آية من آيات الله التي لا يقدر عليها غيره ، وليعلموا أنَّ ذلك تعمد منه لإماطة الشبه في أمرك .