Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 94-95)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فإن قلت كيف قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم { فَإِن كُنتَ في شَكّ مّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ } مع قوله في الكفرة { وَإِنَّهُمْ لَفِى شَكّ مّنْهُ مُرِيبٍ } . قلت فرق عظيم بين قوله { إِنَّهُمْ لَفِى شَكٌّ مِنْهُ مُرِيبٍ } بإثبات الشكّ لهم على سبيل التأكيد والتحقيق ، وبين قوله { فَإِن كُنتَ فِي شَكّ } بمعنى الفرض والتمثيل ، كأنه قيل فإن وقع لك شك مثلاً وخيّل لك الشيطان خيالاً منه تقديراً { فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَؤونَ ٱلْكِتَـٰبِ } والمعنى أنّ الله عزّ وجلّ قدم ذكر بني إسرائيل وهم قرأة الكتاب ، ووصفهم بأنّ العلم قد جاءهم ، لأنّ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل ، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، فأراد أم يأكد علمهم بصحة القرآن وصحة نبوّة محمد عليهالصلاة و السلام ، ويبالغ في ذلك ، فقال فإن وقع لك شكّ فرضاً وتقديراً وسبيل من خالجته شبهة في الدين أن يسارع إلى حّلها وإماطتها ، إما بالرجوع إلى قوانين الدين وأدلته ، وإما بمقادحة العلماء المنبهين على الحقّ فسل علماء أهل الكتاب ، يعني أنهم من الإحاطة بصحة ما أنزل إليك وقتلها علماً بحيث يصلحون لمراجعة مثلك ومساءلتهم فضلاً عن غيرك ، فالغرض وصف الأحبار بالرسوخ في العلم بصحة ما أنزل الله إلى رسول الله ، لا وصف رسول الله بالشكّ فيه ، ثم قال { لَقَدْ جَاءكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } أي ثبت عندك بالآيات والبراهين القاطعة أنّ ما أتاك هو الحق الذي لا مدخل فيه للمرية { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ } أي فاثبت ودم على ما أنت عليه من انتفاء المرية عنك والتكذيب بآيات الله . ويجوز أن يكون على طريقة التهييج والإلهاب ، كقوله { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لّلْكَـٰفِرِينَ وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ } القصص87 ولزيادة التثبيت والعصمة ، ولذلك قال عليه السلام عند نزوله 520 " ولا أشك ولا أسأل بل أشهد أنه الحق " وعن ابن عباس رضي الله عنه لا والله ما شكّ طرفة عين ، ولا سأل أحداً منهم ، وقيل خوطب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد خطاب أمته . فإن كنتم في شكّ مما أنزلنا إليكم ، لقوله { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } النساء174 وقيل الخطاب للسامع ممن يجوز عليه الشكّ ، كقول العرب إذا عزّ أخوك فهن . وقيل « إن » للنفي ، أي فما كنت في شك فاسأل ، يعني لا نأمرك بالسؤال لأنك شاك ، ولكن لتزداد يقيناً ، كما ازداد إبراهيم عليه السلام بمعاينة إحياء الموتى . وقرىء « فاسأل الذين يقرؤون الكتب » .