Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 9-10)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } يسدّدهم بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك السبيل المؤدّي إلى الثواب ، لذلك جعل { تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَـٰرُ } بياناً له وتفسيراً ، لأنّ التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها ، ويجوز أن يريد يهديهم في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة ، كقوله تعالى { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِم } الحديد 12 ومنه الحديث 505 " إنّ المؤمن إذا خرج من قبره صُوِّر له عمله في صُوِّر حسنة ، فيقول له أنا عملك ، فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة وأما الكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة فيقول له أنا عملك فينطلق به حتى يدخله النار " فإن قلت فلقد دلّت هذه الآية على أنّ الإيمان الذي يستحق به العبد الهداية والتوفيق والنور يوم القيامة ، هو إيمان مقيد ، وهو الإيمان المقرون بالعمل الصالح ، والإيمان الذي لم يقرن بالعمل الصالح فصاحبه لا توفيق له ولا نور . قلت الأمر كذلك . ألا ترى كيف أوقع الصلة مجموعاً فيها بين الإيمان والعمل ، كأنه قال إنّ الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح ، ثم قال بإيمانهم ، أي بإيمانهم هذا المضموم إليه العمل الصالح ، وهو بين واضح لا شبهة فيه { دَعْوَاهُمْ } دعاؤهم ، لأنّ « اللَّهم » نداء لله ومعناه اللَّهم إنا نسبحك ، كقول القانت في دعاء القنوت اللَّهم إياك نعبد ولك نصلّي ونسجد . ويجوز أن يراد بالدعاء العبادة { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } مريم 48 على معنى أن لا تكليف في الجنة ولا عبادة ، وما عبادتهم إلاّ أن يسبحوا الله ويحمدوه ، وذلك ليس بعبادة ، إنما يلهمونه فينطقون به تلذذاً بلا كلفة ، كقوله تعالى { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً } الأنفال 35 . { وَءَاخِرُ دَعْوٰهُمْ } وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح { أَنِ } يقولوا { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } . ومعنى { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـٰمٌ } أنّ بعضهم يحيي بعضاً بالسلام . وقيل هي تحية الملائكة إياهم ، إضافة للمصدر إلى المفعول . وقيل تحية الله لهم . وأن هي المخففة من الثقيلة ، وأصله أنه الحمد لله ، على أن الضمير للشأن كقوله @ أَنّ كُلَّ هالِكٌ مَنْ يَحْفَي وَيَنْتَعِلُ @@ وقرىء « أَنَّ الحمدَ لله » بالتشديد ونصب الحمد .