Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 67-68)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وإنما نهاهم أن يدخلوا من باب واحد ، لأنهم كانوا ذوي بهاء وشارة حسنة ، اشتهرهم أهل مصر بالقربة عند الملك والتكرمة الخاصة التي لم تكن لغيرهم ، فكانوا مظنة لطموح الأبصار إليهم من بين الوفود ، وأن يشار إليهم بالأصابع . ويقال هؤلاء أضياف الملك ، انظروا إليهم ما أحسنهم من فتيان ، وما أحقهم بالإكرام ، لأمر مّا أكرمهم الملك وقرّبهم وفضلهم على الوافدين عليه ، فخاف لذلك أن يدخلوا كوكبة واحدة ، فيعانوا لجمالهم وجلالة أمرهم في الصدور ، فيصيبهم ما يسوؤهم ولذلك لم يوصهم بالتفرق في الكرّة الأولى ، لأنهم كانوا مجهولين مغمورين بين الناس . فإن قلت هل للإصابة بالعين وجه تصحّ عليه ؟ قلت يجوز أن يحدث الله عز وجل عند النظر إلى الشيء والإعجاب به ، نقصاناً فيه وخللا من بعض الوجوه ، ويكون ذلك ابتلاء من الله وامتحاناً لعباده ، ليتميز المحققون من أهل الحشو فيقول المحقق هذا فعل الله ، ويقول الحشوي هو أثر العين ، كما قال تعالى { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لّلَّذِينَ كَفَرُواْ } المدثر 31 الآية . وعن النبي صلى الله عليه وسلم 552 " أنه كان يعوّذ الحسن والحسين فيقول أعيذكما بكلمات الله التامّة ، من كل عين لامّة ، ومن كل شيطان وهّامة " { وَمَا أُغْنِى عَنكُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِن شَىْء } يعني إن أراد الله بكم سوءاً لم ينفعكم ولم يدفع عنكم ما أشرت به عليكم من التفرق ، وهو مصيبكم لا محالة { إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } ثم قال { وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم } أي متفرقين { مَّا كَانَ يُغْنِى عَنْهُمْ } رأي يعقوب ودخولهم متفرّقين شيئاً قط ، حيث أصابهم ما ساءهم مع تفرّقهم ، من إضافة السرقة إليهم وافتضاحهم بذلك ، وأخذ أخيهم بوجدان الصواع في رحله ، وتضاعف المصيبة على أبيهم { إِلاَّ حَاجَةً } استثناء منقطع . على معنى ولكن حاجة { فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا } وهي شفقته عليهم وإظهارها بما قاله لهم ووصاهم به { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ } يعني قوله { وَمَا أُغْنِى عَنكُمْ } وعلمه بأن القدر لا يغني عنه الحذر .