Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 80-80)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱسْتَيْأَسُواْ } يئسوا . وزيادة السين والتاء في المبالغة نحو ما مرّ في استعصم . و النجي على معنيين يكون بمعنى المناجي ، كالعشير والسمير بمعنى المعاشر والمسامر ، ومنه قوله تعالى { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } مريم 52 وبمعنى المصدر الذي هو التناجي ، كما قيل النجوى بمعناه . ومنه قيل قوم نجى ، كما قيل { وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ } الإسراء 47 تنزيلا للمصدر منزلة الأوصاف . ويجوز أن يقال هم نجى ، كما قيل هم صديق ، لأنه بزنة المصادر وجمع أنجية . قال @ إنِّى إذَا مَا الْقَوْمُ كَانُوا أَنجِيَهْ @@ ومعنى { خَلَصُواْ } اعتزلوا وانفردوا عن الناس خالصين لا يخالطهم سواهم { نَجِيّاً } ذوي نجوى أو فوجا نجياً ، أي مناجياً لمناجاة بعضهم بعضاً . وأحسن منه أنهم تمحضوا تناجياً لاستجماعهم لذلك ، وإفاضتهم فيه بجدّ واهتمام ، كأنهم في أنفسهم صورة التناجي وحقيقته ، وكان تناجيهم في تدبير أمرهم ، على أيّ صفة يذهبون ؟ وماذا يقولون لأبيهم في شأن أخيهم ؟ كقوم تعايوا بما دهمهم من الخطب ، فاحتاجوا إلى التشاور { كَبِيرُهُمْ } في السنّ وهو روبيل . وقيل رئيسهم وهو شمعون وقيل كبيرهم في العقل والرأي وهو يهوذا { مَا فَرَّطتُمْ فِى يُوسُفَ } فيه وجوه أن تكون « ما » صلة ، أي ومن قبل هذا قصرتم في شأن يوسف ولم تحفظوا عهد أبيكم . وأن تكون مصدرية ، على أن محل المصدر الرفع على الابتداء وخبره الظرف ، وهو { مِن قَبْلُ } ومعناه ووقع من قبل تفريطكم في يوسف . أو النصب عطفاً على مفعول { أَلَمْ تَعْلَمُواْ } وهو { أَنَّ أَبَاكُمْ } كأنه قيل ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقاً وتفريطكم من قبل في يوسف ، وأن تكون موصولة بمعنى ومن قبل هذا ما فرطتموه ، أي قدّمتموه في حق يوسف من الجناية العظيمة ، ومحله الرفع أو النصب على الوجهين { فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ } فلن أفارق أرض مصر { حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِى أَبِى } في الانصراف إليه { أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِى } بالخروج منها ، أو بالانتصاف ممن أخذ أخي ، أو بخلاصه من يده بسبب من الأسباب { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَـٰكِمِينَ } لأنه لا يحكم أبداً إلا بالعدل والحق .