Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 84-84)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ } وأعرض عنهم كراهة لما جاؤا به { يا أسفى } أضاف الأسف وهو أشدّ الحزن والحسرة إلى نفسه ، والألف بدل من ياء الإضافة ، والتجانس بين لفظتي الأسف ويوسف مما يقع مطبوعاً غير متعمل فيملح ويبدع ، ونحوه { ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأرْضِ أَرَضِيتُم } التوبة 38 ، { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } الأنعام 26 . { يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ } الكهف 104 ، { مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ } النمل 22 وعن النبي صلى الله عليه وسلم 554 " لم تعط أمة من الأمم ـــ إنا لله وإنا إليه راجعون ـــ عند المصيبة إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم . ألا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصابه لم يسترجع . وإنما قال يا أسفى " فإن قلت كيف تأسف على يوسف دون أخيه ودون الثالث ، والرزء الأحدث أشدّ على النفس وأظهر أثراً ؟ قلت هو دليل على تمادي أسفه على يوسف ، وأنه لم يقع فائت عنده موقعه ، وأنّ الرزء فيه مع تقادم عهده كان غضاً عنده طريا . @ وَلَمْ تُنْسِنِي أَوْفَى الْمُصِيبَاتِ بَعْدَهُ @@ ولأنّ الرزء في يوسف كان قاعدة مصيباته التي ترتبت عليها الرزايا في ولده ، فكان الأسف عليه أسفاً على من لحق به { وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ } إذا كثر الاستعبار محقت العبرة سواد العين وقلبته إلى بياض كدر . قيل قد عمي بصره . وقيل كان يدرك إدراكاً ضعيفاً . قرىء « من الحزن » ومن الحزن ، الحزن كان سبب البكاء الذي حدث منه البياض ، فكأنه حدث من الحزن . قيل ما جفت عينا يعقوب من وقت فراق يوسف إلى حين لقائه ثمانين عاماً ، وما على وجه الأرض أكرم على الله من يعقوب . وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم 555 أنه سأل جبريل عليه السلام " ما بلغ من وجد يعقوب على يوسف ؟ قال وجد سبعين ثكلى . قال « فما كان له من الأجر » ؟ قال أجر مائة شهيد ، وما ساء ظنه بالله ساعة قط " فإن قلت كيف جاز لنبي الله أن يبلغ به الجزع ذلك المبلغ ؟ قلت الإنسان مجبول على أن لا يملك نفسه عند الشدائد من الحزن ، ولذلك حمد صبره وأن يضبط نفسه حتى لا يخرج إلى ما لا يحسن ، ولقد 556 بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم وقال " القلب يجزع ، والعين تدمع ، ولا نقول ما يسخط الرب ، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون " وإنما الجزع المذموم ما يقع من الجهلة من الصياح والنياحة ، ولطم الصدور والوجوه ، وتمزيق الثياب . وعن النبي صلى الله عليه وسلم . 557 أنه بكى على ولد بعض بناته وهو يجود بنفسه ، فقيل يا رسول الله ، تبكي وقد نهيتنا عن البكاء ؟ فقال " ما نهيتكم عن البكاء وإنما نهيتكم عن صوتين أحمقين صوت عند الفرح ، وصوت عند الترح " وعن الحسن أنه بكى على ولد أو غيره ، فقيل له في ذلك ، فقال ما رأيت الله جعل الحزن عاراً على يعقوب { فَهُوَ كَظِيمٌ } فهو مملوء من الغيط على أولاده ولا يظهر ما يسوؤهم ، فعيل بمعنى مفعول ، بدليل قوله { وَهُوَ مَكْظُومٌ } القلم 48 من كظم السقاء إذا شدّه على ملئه ، والكظم بفتح الظاء مخرج النفس . يقال أخذ بأكظامه .