Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 27-29)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فإن قلت كيف طابق قولهم { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مّن رَّبّهِ } قوله { قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء } ؟ قلت هو كلام يجري مجرى التعجب من قولهم ، وذلك أن الآيات الباهرة المتكاثرة التي أوتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤتها نبيّ قبله ، وكفى بالقرآن وحده آية وراء كل آية ، فإذا جحدوها ولم يعتدّوا بها وجعلوه كأن آية لم تنزل عليه قط ، كان موضعاً للتعجب والاستنكار ، فكأنه قيل لهم ما أعظم عنادكم وما أشد تصميمكم على كفركم إن الله يضل من يشاء ممن كان على صفتكم من التصميم وشدّة الشكيمة في الكفر ، فلا سبيل إلى اهتدائهم وإن أنزلت كل آية { وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ } كان على خلاف صفتكم { أَنَابَ } أقبل إلى الحق ، وحقيقته دخل في نوبة الخير ، و { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } بدل من { مَنْ أَنَابَ } { وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ } بذكر رحمته ومغفرته بعد القلق والاضطراب من خشيته ، كقوله { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } الزمر 23 أو تطمئن بذكر دلائله الدالة على وحدانيته ، أو تطمئن بالقرآن لأنه معجزة بينة تسكن القلوب وتثبت اليقين فيها { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } مبتدأ ، و { طُوبَىٰ لَهُمْ } خبره . ويجوز أن يكون بدلاً من القلوب ، على تقدير حذف المضاف ، أي تطمئن القلوب قلوب الذين آمنوا ، وطوبى مصدر من طاب ، كبشرى وزلفى ، ومعنى « طوبى لك » أصبت خيراً وطيباً ، ومحلها النصب أو الرفع ، كقولك طيباً لك ، وطيب لك ، وسلاماً لك ، وسلام لك ، والقراءة في قوله « وحسن مآب » بالرفع والنصب ، تدلك على محليها . واللام في { لَهُمْ } للبيان مثلها في سقيا لك ، والواو في طوبى منقلبة عن ياء لضمة ما قبلها ، كموقن وموسر وقرأ مكوزة الأعرابي « طيبى لهم » ، فكسر الطاء لتسلم الياء ، كما قيل بيض ومعيشة .