Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 1-3)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كِتٰبٌ } هو كتاب ، يعني السورة . وقرىء « ليخرج الناس » . والظلمات والنور استعارتان للضلال والهدى { بِإِذْنِ رَبِـّهِمْ } بتسهيله وتيسيره ، مستعار من الإذن الذي هو تسهيل للحجاب ، وذلك ما يمنحهم من اللطف والتوفيق { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } بدل من قوله إلى النور بتكرير العامل ، كقوله { لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ } الأعراف 75 ويجوز أن يكون على وجه الاستئناف ، كأنه قيل إلى أي نور ؟ فقيل إلى صراط العزيز الحميد . وقوله { الله } عطف بيان للعزيز الحميد لأنه جرى مجرى الأسماء الأعلام لغلبته واختصاصه بالمعبود الذي تحق له العبادة كما غلب النجم في الثريا . وقرىء بالرفع على « هو الله » . الويل نقيض الوأل ، وهو النجاة اسم معنى ، كالهلاك إلا أنه لا يشتق منه فعل ، إنما يقال ويلاً له ، فينصب نصب المصادر ، ثم يرفع رفعها لإفادة معنى الثبات ، فيقال ويل له ، كقوله سلام عليك . ولما ذكر الخارجين من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان توعد الكافرين بالويل . فإن قلت ما وجه اتصال قوله { مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } بالويل ؟ قلت لأنّ المعنى أنهم يولولون من عذاب شديد ، ويضجون منه ، ويقولون يا ويلاه ، كقوله { دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } الفرقان 13 { ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ } مبتدأ خبره أولئك في ضلال بعيد ويجوز أن يكون مجروراً صفة للكافرين ، ومنصوباً على الذمّ . أو مرفوعاً على أعني الذين يستحبون أو هم الذين يستحبون ، والاستحباب الإيثار والاختيار ، وهو استفعال من المحبة لأنّ المؤثر للشيء على غيره كأنه يطلب من نفسه أن يكون أحبّ إِليه وأفضل عندها من الآخر . وقرأ الحسن « ويصِدّون » ، بضم الياء وكسر الصاد . يقال صدّه عن كذا ، وأصدّه ، قال @ أُنَاسٌ اصَدُّوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ عَنْهُمُ @@ والهمزة فيه داخلة على صدّ صدوداً ، لتنقله من غير التعدّي إلى التعدّي . وأما صدّه ، فموضوع على التعدية كمنعه ، وليست بفصيحة كأوقفه لأنّ الفصحاء استغنوا بصدّه ووقفه عن تكلف التعدية بالهمزة { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } ويطلبون لسبيل الله زيغاً واعوجاجاً ، وأن يدلوا الناس على أنها سبيل ناكبة عن الحق غير مستوية ، والأصل ويبغون لها ، فحذف الجار وأوصل الفعل { فِى ضَلَـٰلٍ بَعِيدٍ } أي ضلوا عن طريق الحق ، ووقفوا دونه بمراحل . فإن قلت فما معنى وصف الضلال بالبعد . قلت هو من الإسناد المجازي ، والبعد في الحقيقة للضالّ لأنه هو الذي يتباعد عن الطريق ، فوصف به فعله ، كما تقول جدّ جدّه ، ويجوز أن يراد في ضلال ذي بعد . أو فيه بعد لأنّ الضالّ قد يضلّ عن الطريق مكاناً قريباً وبعيداً .