Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 28-44)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ } واذكر وقت قوله { سَوَّيْتُهُ } عدلت خلقته وأكملتها وهيأتها لنفخ الروح فيها . ومعنى { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى } وأحييته ، وليس ثمة نفخ ولا منفوخ ، وإنما هو تمثيل لتحصيل ما يحيا به فيه . واستثنى إبليس من الملائكة لأنه كان بينهم مأموراً معهم بالسجود ، فغلب اسم الملائكة ، ثم استثنى بعد التغليب كقولك رأيتهم إلا هنداً . و { أَبَىٰ } استئناف على تقدير قول قائل بقول هلا سجد ؟ فقيل أبى ذلك واستكبر عنه . وقيل معناه ولكن إبليس أبى . حرف الجر مع « أن » محذوف . وتقديره { مَا لَكَ } في { أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ } بمعنى أيّ غرض لك في إبائك السجود . وأي داع لك إليه . اللام في { لأسْجُدَ } لتأكيد النفي . ومعناه لا يصحّ مني وينافي حالي . ويستحيل أن أسجد لبشر { رَّجِيمٍ } شيطان من الذين يرجمون بالشهب ، أو مطرود من رحمة الله لأن من يطرد يرجم بالحجارة . ومعناه ملعون لأن اللعن هو الطرد من الرحمة والإبعاد منها . والضمير في { مِنْهَا } راجع إلى الجنة أو السماء ، أو إلى جملة الملائكة . وضرب يوم الدين حداً للعنة ، إما لأنه أبعد غاية يضربها الناس في كلامهم ، كقوله { مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } هود 107 في التأبيد . وإما أن يراد أنك مذموم مدعوّ عليك باللعن في السموات والأرض إلى يوم الدين ، من غير أن تعذب ، فإذا جاء ذلك اليوم عذبت بما يُنسى اللعن معه . و { يَوْمِ ٱلدّينِ } و { يَوْمِ يُبْعَثُونَ } و { يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } الحجر 38 في معنى واحد ، ولكن خولف بين العبارات سلوكاً بالكلام طريقة البلاغة . وقيل إنما سأل الإنظار إلى اليوم الذي فيه يبعثون لئلا يموت لأنه لا يموت يوم البعث أحد ، فلم يجب إلى ذلك ، وأُنظر إلى آخر أيام التكليف { بِمَا أغويتني } الباء للقسم . و « ما » مصدرية وجواب القسم { لأُزَيِّنَنَّ } المعنى أقسم بإغوائك إياي لأزينن لهم . ومعنى إغوائه إياه تسبيبه لغيه ، بأن أمره بالسجود لآدم عليه السلام ، فأفضى ذلك إلى غيه . وما الأمر بالسجود إلا حسن وتعريض للثواب بالتواضع والخضوع لأمر الله ، ولكن إبليس اختار الإباء والاستكبار فهلك ، والله تعالى بريء من غيه ومن إرادته والرضا به ، ونحو قوله { بِمَآ أَغْوَيْتَنِى لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ } قوله { فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } ص 82 في أنه إقسام ، إلا أن أحدهما إقسام بصفته والثاني إقسام بفعله ، وقد فرق الفقهاء بينهما . ويجوز أن لا يكون قسماً ، ويقدر قسم محذوف ، ويكون المعنى بسبب تسبيبك لإغوائي أقسم لأفعلنّ بهم نحو ما فعلت بي من التسبيب لإغوائهم ، بأن أزين لهم المعاصي وأوسوس إليهم ما يكون سبب هلاكهم { فِى ٱلأَرْضِ } في الدنيا التي هي دار الغرور ، كقوله تعالى { أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } الأعراف 176 أو أراد أني أقدر على الاحتيال لآدم والتزيين له الأكل من الشجرة وهو في السماء ، فأنا على التزيين لأولاده في الأرض أقدر . أو أراد لأجعلنّ مكان التزيين عندهم الأرض ، ولأوقعن تزييني فيها ، أي لأزيننها في أعينهم ولأحدّثنهم بأنّ الزينة في الدنيا وحدها ، حتى يستحبوها على الآخرة ويطمئنوا إليها دونها . ونحوه @ يَجْرَحْ فِي عَرَاقِيبِهَا نَصْلِي @@ استثنى المخلصين لأنه علم أنّ كيده لا يعمل فيهم ولا يقبلون منه . أي { هَـٰذَا } طريق حق { عَلَىَّ } أن أراعيه ، وهو أن لا يكون لك سلطان على عبادي ، إلا من اختار اتباعك منهم لغوايته وقرىء « عليّ » وهو من علو الشرف والفضل { لَمَوْعِدُهُمْ } الضمير للغاوين . وقيل أبواب النار أطباقها وأدراكها ، فأعلاها للموحدين ، والثاني لليهود ، والثالث للنصارى ، والرابع للصابئين ، والخامس للمجوس ، والسادس للمشركين ، والسابع للمنافقين ، وعن ابن عباس رضي الله عنه إن جهنم لمن ادعى الربوبية ، ولظى لعبدة النار ، والحطمة لعبدة الأصنام وسقر لليهود ، والسعير للنصارى ، والجحيم للصابئين ، والهاوية للموحدين . وقرىء « جزء » ، بالتخفيف والتثقيل . وقرأ الزهري « جزّ » ، بالتشديد كأنه حذف الهمزة وألقى حركتها على الزاي ، كقولك خبّ في خبء ، ثم وقف عليه بالتشديد ، كقولهم الرجل ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف .