Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 49-50)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مِن دَابَّةٍ } يجوز أن يكون بياناً لما في السموات وما في الأرض جميعاً ، على أنّ في السموات خلقاً لله يدبون فيها كما يدب الأناسي في الأرض ، وأن يكون بياناً لما في الأرض وحده ، ويراد بما في السموات الخلق الذي يقال له الروح ، وأن يكون بياناً لما في الأرض وحده ، ويراد بما في السموات الملائكة وكرّر ذكرهم على معنى والملائكة خصوصاً من بين الساجدين لأنهم أطوع الخلق وأعبدهم . ويجوز أن يراد بما في السموات ملائكتهنّ . وبقوله والملائكة ملائكة الأرض من الحفظة وغيرهم ، فإن قلت سجود المكلفين مما انتظمه هذا الكلام خلاف سجود غيرهم ، فكيف عبر عن النوعين بلفظ واحد ؟ قلت المراد بسجود المكلفين طاعتهم وعبادتهم ، وبسجود غيرهم انقياده لإرادة الله وأنها غير ممتنعة عليها ، وكلا السجودين يجمعها معنى الانقياد فلم يختلفا ، فلذلك جاز أن يعبر عنهما بلفظ واحد . فإن قلت فهلا جيء بمن دون « ما » تغليبا للعقلاء من الدواب على غيرهم ؟ قلت لأنه لوجيء بمن لم يكن فيه دليل على التغليب ، فكان متناولاً للعقلاء خاصة ، فجيء بما هو صالح للعقلاء وغيرهم ، إرادة العموم { يَخَافُونَ } يجوز أن يكون حالاً من الضمير في { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي لا يستكبرون خائفين ، وأن يكون بياناً لنفي الاستكبار وتأكيداً له ، لأنّ من خاف الله لم يستبكر عن عبادته { مّن فَوْقِهِمْ } إن علقته بيخافون ، فمعناه يخافونه أن يرسل عليهم عذاباً من فوقهم ، وإن علقته بربهم حالا منه فمعناه يخافون ربهم عالياً لهم قاهراً ، كقوله { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } الأنعام 18 ، 61 ، { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَـٰهِرُونَ } الأعراف 127 وفيه دليل على أنّ الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهي والوعد والوعيد كسائر المكلفين ، وأنهم بين الخوف والرجاء .