Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 66-66)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر سيبويه الأنعام في باب ما لا ينصرف في الأسماء المفردة الواردة على أفعال ، كقولهم ثوب أكياش ولذلك رجع الضمير إليه مفرداً . وأمّا { فِى بُطُونِهَا } المؤمنون 21 في سورة المؤمنين فلأنّ معناه الجمع . ويجوز أن يقال في الأنعام وجهان ، أحدهما أن يكون تكسير نعم كأجبال في جبل ، وأن يكون اسماً مفرداً مقتضياً لمعنى الجمع كنعم ، فإذا ذكر فكما يذكر « نعم » في قوله @ في كُلِّ عَامٍ نَعَمٌ تَحْوُونَه يُلْقِحُهُ قَوْمٌ وَتَنْتِجُونَهْ @@ وإذا أنث ففيه وجهان أنه تكسير نعم . وأنه في معنى الجمع . وقرىء « نَسقيكم » بالفتح والضم ، وهو استئناف ، كأنه قيل كيف العبرة ، فقيل نسقيكم { مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ } أي يخلق الله اللبن وسيطاً بين الفرث والدم يكتنفانه ، وبينه وبينهما برزخ من قدرة الله لا يبغي أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة ، بل هو خالص من ذلك كله . قيل إذا أكلت البهيمة العلف فاستقرّ في كرشها طبخته ، فكان أسفله فرثاً ، وأوسطه لبناً ، وأعلاه دماً . والكبد مسلطة على هذه الأصناف الثلاثة تقسمها ، فتجري الدم في العروق ، واللبن في الضرع ، وتبقى الفرث في الكرش . فسبحان الله ما أعظم قدرته وألطف حكمته لمن تفكر وتأمّل . وسئل شقيق عن الإخلاص فقال تمييز العمل من العيوب ، كتمييز اللبن من بين فرث ودم { سَآئِغًا } سهل المرور في الحلق ويقال لم يغص أحد باللبن قط . وقرىء « سيغاً » ، بالتشديد . و « سيغاً » ، بالتخفيف . كهين ولين . فإن قلت أي فرق بين « من » الأولى والثانية ؟ قلت الأولى للتبعيض لأن اللبن بعض ما في بطونها ، كقولك أخذت من مال زيد ثوباً . والثانية لابتداء الغاية لأنّ بين الفرث والدم مكان الإسقاء الذي منه يبتدأ ، فهو صلة لنسقيكم ، كقولك سقيته من الحوض ، ويجوز أن يكون حالا من قوله { لَّبَنًا } مقدماً عليه ، فيتعلق بمحذوف ، أي كائناً من بين فرث ودم . ألا ترى أنه لو تأخر فقيل لبناً من بين فرث ودم كان صفة له ، وإنما قدم لأنه موضع العبرة ، فهو قمن بالتقديم . وقد احتج بعض من يرى أن المني طاهر على من جعله نجساً ، لجريه في مسلك البول بهذه الآية ، وأنه ليس بمستنكر أن يسلك مسلك البول وهو طاهر ، كما خرج اللبن من بين فرث ودم طاهراً .