Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 68-69)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الإيحاء إلى النحل إلهامها والقذف في قلوبها وتعليمها على وجه هو أعلم به ، لا سبيل لأحد إلى الوقوف عليه ، وإلا فنيَّقتها في صنعتها ، ولطفها في تدبير أمرها ، وإصابتها فيما يصلحها ، دلائل بينة شاهدة على أنّ الله أودعها علماً بذلك وفطنها ، كما أولى أولي العقول عقولهم . وقرأ يحيى بن وثاب { إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ } بفتحتين . وهو مذكر كالنحل ، وتأنيثه على المعنى { أَنِ ٱتَّخِذِى } هي أن المفسرة لأنّ الإيحاء فيه معنى القول . وقرىء « بيوتاً » بكسر الباء لأجل الياء . و { يَعْرِشُونَ } بكسر الراء وضمها يرفعون من سقوف البيوت . وقيل ما يبنون للنحل في الجبال والشجر والبيوت من الأماكن التي تتعسل فيها . والضمير في { يعرشون } للناس فإن قلت ما معنى « من » في قوله { أَنِ ٱتَّخِذِى مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } وهلا قيل في الجبال وفي الشجر ؟ قلت أريد معنى البعضية ، وأن لا تبني بيوتها في كل جبل وكل شجر وكل ما يعرش ولا في كل مكان منها { مِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ } إحاطة بالثمرات التي تجرسها النحل وتعتاد أكلها ، أي ابني البيوت ، ثم كلي من كل ثمرة تشتهينها ، فإذا أكلتها { فَٱسْلُكِى سُبُلَ رَبّكِ } أي الطرق التي ألهمك وأفهمك في عمل العسل . أو فاسلكي ما أكلت في سبل ربك ، أي في مسالكه التي يحيل فيها بقدرته النور المرّ عسلا من أجوافك ومنافذ مآكلك . أو إذا أكلت الثمار في المواضع البعيدة من بيوتك ، فاسلكي إلى بيوتك راجعة سبل ربك ، لا تتوعر عليك ولا تضلين فيها ، فقد بلغني أنها ربما أجدب عليها ما حولها فتسافر إلى البلد البعيد في طلب النجعة . أو أراد بقوله { ثُمَّ كُلِى } ثم اقصدي أكل الثمرات فاسلكلي في طلبها في مظانها سبل ربك { ذُلُلاً } جمع ذلول ، وهي حال من السبل لأنّ الله ذللها لها ووطأها وسهلها ، كقوله { هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً } الملك 15 أو من الضمير في { فَٱسْلُكِى } أي وأنت ذلل منقادة لما أمرت به غير ممتنعة { شَرَابٌ } يريد العسل ، لأنه مما يشرب { مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ } منه أبيض وأسود وأصفر وأحمر { فِيهِ شِفَآء لِلنَّاسِ } لأنه من جملة الأشفية والأدوية المشهورة النافعة ، وقل معجون من المعاجين لم يذكر الأطباء فيه العسل ، وليس الغرض أنه شفاء لكل مريض ، كما أن كل دواء كذلك . وتنكيره إمّا لتعظيم الشفاء الذي فيه ، أو لأن فيه بعض الشفاء ، وكلاهما محتمل . وعن النبي صلى الله عليه وسلم 587 أن رجلاً جاء إليه فقال إن أخي يشتكي بطنه ، فقال " اذهب واسقه العسل " فذهب ثم رجع فقال قد سقيته فما نفع ، فقال " اذهب واسقه عسلاً » فقد صدق الله وكذب بطن أخيك ، فسقاه فشفاه الله فبرأ ، كأنما أنشط من عقال " وعن عبد الله بن مسعود 588 " العسل شفاء من كل داء ، والقرآن شفاء لما في الصدور ، فعليكم بالشفاءين القرآن والعسل " ومن بدع التأويلات الرافضة أن المراد بالنحل علي وقومه وعن بعضهم أنه قال عند المهدي إنما النحل بنو هاشم ، يخرج من بطونهم العلم ، فقال له رجل جعل الله طعامك وشرابك مما يخرج من بطونهم فضحك المهدي وحدث به المنصور ، فاتخذوه أضحوكة من أضاحيكهم .