Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 47-48)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكَ } سلام توديع ومتاركة ، كقوله تعالى { لَنَا أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـٰلُكُمْ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى ٱلْجَـٰهِلِينَ } القصص 55 وقوله { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَـٰهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } الفرقان 63 وهذا دليل على جواز متاركة المنصوح له والحال هذه . ويجوز أن يكون قد دعا له بالسلامة استمالة له . ألا ترى أنه وعده الاستغفار . فإن قلت كيف جاز له أن يستغفر للكافر وأن يعده ذلك ؟ قلت قالوا أراد اشتراط التوبة عن الكفر ، كما ترد الأوامر والنواهي الشرعية على الكفار والمراد اشتراط الإيمان ، وكما يؤمر المحدث والفقير بالصلاة والزكاة ويراد اشتراط الوضوء والنصاب . وقالوا إنما استغفر له بقوله { وَٱغْفِرْ لأَِبِى إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّالّينَ } الشعراء 86 لأنه وعده أن يؤمن . واستشهدوا عليه بقوله تعالى { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرٰهِيمَ لأَِبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ } التوبة 114 ولقائل أن يقول إنّ الذي منع من الاستغفار للكافر إنما هو السمع ، فأمّا القضية العقلية فلا تأباه ، فيجوز أن يكون الوعد بالاستغفار والوفاء به قبل ورود السمع ، بناء على قضية العقل ، والذي يدل على صحته قوله تعالى { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرٰهِيمَ لأَِبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } الممتحنة 4 فلو كان شارطاً للإيمان لم يكن مستنكراً ومستثنى عما وجبت فيه الأسوة . وأمّا عن موعدة وعدها إياه فالواعد هو إبراهيم لا آزر ، أي ما قال واغفر لأبي إلا عن قوله لأستغفرنّ لك وتشهد له قراءة حماد الراوية وعدها أباه . والله أعلم { حَفِيّاً } الحفيّ البليغ في البر والإلطاف ، حفي به وتحفى به { وَأَعْتَزِلُكُمْ } أراد بالاعتزال المهاجرة إلى الشام . وأدعو ربي المراد بالدعاء العبادة ، لأنه منها ومن وسائطها . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم 664 " الدعاءُ هُوَ العبادةُ " ويدل عليه قولُه تعالى { فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ويجوز أن يراد الدعاء الذي حكاه الله في سورة الشعراء . عرّض بشقاوتهم بدعاء آلهتهم في قوله { عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّى شَقِيًّا } مع التواضع لله بكلمة { عَسَى } وما فيه من هضم النفس .