Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 103-105)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ ءامَنُواْ } برسول الله والقرآن { وَٱتَّقَوْاْ } الله فتركوا ما هم عليه من نبذ كتاب الله واتباع كتب الشياطين { لَمَثُوبَةٌ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ } . وقرىء « لَمَثْوَبَةٌ » ، كمشورة ومشورة { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أنّ ثواب الله خير مما هم فيه وقد علموا ، ولكنه جهلهم لترك العمل بالعلم . فإن قلت كيف أوثرت الجملة الإسمية على الفعلية في جواب لو ؟ قلت لما في ذلك من الدلالة على اثبات المثوبة واستقرارها كما عدل عن النصب إلى الرفع في سلام عليكم لذلك ، فإن قلت فهلا قيل لمثوبة الله خير ؟ قلت لأن المعنى لشيء من الثواب خير لهم . ويجوز أن يكون قوله { وَلَوْ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ } تمنياً لإيمانهم على سبيل المجاز عن إرادة الله إيمانهم واختيارهم له ، كأنه قيل وليتهم آمنوا . ثم ابتدىء لمثوبة من عند الله خير . كان المسلمون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ألقى عليهم شيئاً من العلم راعنا يا رسول الله ، أي راقبنا وانتظرنا وتأن بنا حتى نفهمه ونحفظه . وكانت لليهود كلمة يتسابون بها عبرانية أو سريانية وهي « راعينا » فلما سمعوا بقول المؤمنين راعنا . افترصوه وخاطبوا به الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يعنون به تلك المسبة ، فنهى المؤمنون عنها وأُمروا بما هو في معناها وهو { ٱنظُرْنَا } من نظره إذا انتظره . وقرأ أُبيّ « انظرنا » من النظرة ، أي أمهلنا حتى نحفظ وقرأ عبد الله بن مسعود « راعونا » ، على أنهم كانوا يخاطبونه بلفظ الجمع للتوقير وقرأ الحسن « راعناً » ، بالتنوين من الرعن وهو الهوج ، أي لا تقولوا قولاً راعنا منسوباً إلى الرعن رعينّاً ، كدارع ولابن لأنه لما أشبه قولهم راعينا ، وكان سبباً في السب اتصف بالرعن { وَٱسْمَعُواْ } وأحسنوا سماع ما يكلمكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلقي عليكم من المسائل بآذان واعية وأذهان حاضرة ، حتى لا تحتاجوا إلى الاستعانة وطلب المراعاة ، أو اسمعوا سماع قبول وطاعة ، ولا يكن سماعكم مثل سماع اليهود حيث قالوا سمعنا وعصينا ، أو واسمعوا ما أمرتم به بجدّ حتى لا ترجعوا إلى ما نهيتم عنه ، تأكيداً عليهم ترك تلك الكلمة . وروي 48 أن سعد بن معاذ سمعها منهم فقال يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله ، والذي نفسي بيده لئن سمعتها من رجل منكم يقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه . فقالوا أولستم تقولونها فنزلت . { وَلِلْكَـٰفِرِينَ } ولليهود الذين تهاونوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسبوه { عَذَابٌ أَلِيمٌ } من الأولى للبيان لأنّ الذين كفروا جنس تحته نوعان أهل الكتاب ، والمشركون كقوله تعالى { لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ وَٱلْمُشْرِكِينَ } البينة 1 والثانية مزيدة لاستغراق الخير ، والثالثة لابتداء الغاية . والخير الوحي ، وكذلك الرحمة كقوله تعالى { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ ر بِكَ } الزخرف 32 والمعنى أنهم يرون أنفسهم أحق بأن يوحى إليهم فيحسدونكم وما يحبون أن ينزل عليكم شيء من الوحي { وَٱللَّهُ } يختصّ بالنبوة { مَن يَشَآء } ولا يشاء إلا ما تقتضيه الحكمة { وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } إشعار بأنّ إيتاء النبوّة من الفضل العظيم كقوله تعالى { إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا } الإسراء 87 .