Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 53-54)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْفُرْقَانَ } يعني الجامع بين كونه كتاباً منزلاً ، وفرقاناً يفرق بين الحق والباطل يعني التوراة ، كقولك رأيت الغيث والليث ، تريد الرجل الجامع بين الجود والجراءة . ونحوه قوله تعالى { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً } الأنبياء 48 يعني الكتاب الجامع بين كونه فرقاناً وضياء وذكراً أو التوراة . والبرهان الفارق بين الكفر والإيمان من العصا واليد وغيرهما من الآيات ، أو الشرع الفارق بين الحلال والحرام ، وقيل الفرقان انفراق البحر . وقيل النصر الذي فرّق بينه وبين عدوّه ، كقوله تعالى { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } الأنفال 41 يريد به يوم بدر . حمل قوله { فَٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } على الظاهر وهو البخع وقيل معناه قتل بعضهم بعضاً . وقيل أمر من لم يعبد العجل أن يقتلوا العبدة . وروى أن الرجل كان يبصر ولده ، ووالده وجاره وقريبه ، فلم يمكنهم المضي لأمر الله ، فأرسل اللَّه ضبابة وسحابة سوداء لا يتباصرون تحتها ، وأمروا أن يحْتبوا بأفنية بيوتهم ، ويأخذ الذين لم يعبدوا العجل سيوفهم ، وقيل لهم اصبروا ، فلعن الله من مدّ طرفه أو حلّ حبوته أو اتقى بيد أو رجل ، فيقولون آمين فقتلوهم إلى المساء حتى دعا موسى وهارون وقالا يا رب ، هلكت بنو إسرائيل ، البقية البقية ، فكشفت السحابة ونزلت التوبة . فسقطت الشفار من أيديهم ، وكانت القتلى سبعين ألفاً . فإن قلت ما الفرق بين الفاآت ؟ قلت الأولى للتسبيب لا غير ، لأن الظلم سبب التوبة . والثانية للتعقيب لأن المعنى فاعزموا على التوبة فاقتلوا أنفسكم ، من قِبَلِ أن الله تعالى جعل توبتهم قتل أنفسهم . ويجوز أن يكون القتل تمام توبتهم . فيكون المعنى فتوبوا ، فأتبعوا التوبة القتل تتمة لتوبتكم ، والثالثة متعلقة بمحذوف ، ولا يخلو إما أن ينتظم في قول موسى لهم فتتعلق بشرط محذوف ، كأنه قال فإن فعلتم فقد تاب عليكم . وإمّا أن يكون خطاباً من الله تعالى لهم على طريقة الالتفات . فيكون التقدير ففعلتم ما أمركم به موسى فتاب عليكم بارؤكم . فإن قلت من أين اختص هذا الموضع بذكر البارىء ؟ قلت البارىء هو الذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت { مَا ترِى فِى خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُتٍ } الملك 3 ومتميزاً بعضه من بعض بالأشكال المختلفة والصور المتباينة ، فكان فيه تقريع بما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذي برأهم بلطف حكمته على الأشكال المختلفة أبرياء من التفاوت والتنافر ، إلى عبادة البقرة التي هي مثل في الغباوة والبلادة . ـــ في أمثال العرب أبلد من ثور ـــ حتى عرضوا أنفسهم لسخط الله ونزول أمره بأن يفك ما ركبه من خلقهم ، وينثر ما نظم من صورهم وأشكالهم ، حين لم يشكروا النعمة في ذلك ، وغمطوها بعبادة من لا يقدر على شيء منها .