Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 131-131)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي نظر عينيك ومدّ النظر تطويله ، وأن لا يكاد يرده ، استحساناً للمنظور إليه وإعجاباً به ، وتمنياً أن يكون له ، كما فعل نظارة قارون حين قالوا { يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قَـٰرُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظّ عَظِيمٍ } القصص 79 حتى واجههم أولو العلم والإيمان بـــ { وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لّمَنْ ءامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً } القصص 80 وفيه أن النظر غير الممدود معفو عنه ، وذلك مثل نظر من باده الشيء بالنظر ثم غض الطرف ، ولما كان النظر إلى الزخارف كالمركوز في الطباع ، وأنّ من أبصر منها شيئاً أحب أن يمدّ إليه نظره ويملأ منه عينيه قيل { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي لا تفعل ما أنت معتاد له وضار به ، ولقد شدّد العلماء من أهل التقوى في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة في اللباس والمراكب وغير ذلك ، لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة فالناظر إليها محصل لغرضهم ، وكالمغري لهم على اتخاذها { أَزْوٰجاً مّنْهُمْ } أصنافاً من الكفرة ويجوز أن ينتصب حالاً من هاء الضمير ، والفعل واقع على { مِنْهُمْ } كأنه قال إلى الذي متعنا به وهو أصناف بعضهم وناساً منهم . فإن قلت علام انتصب { زَهْرَةَ } ؟ قلت على أحد أربعة أوجه على الذم وهو النصب على الاختصاص . وعلى تضمين { مَتَّعْنَا } معنى أعطينا وخوّلنا ، وكونه مفعولاً ثانياً له . وعلى إبداله من محل الجار والمجرور . وعلى إبداله من أزواجاً ، على تقدير ذوي زهرة . فإن قلت ما معنى الزهرة فيمن حرّك ؟ قلت معنى الزهرة بعينه وهو الزينة والبهجة ، كما جاء في الْجَهْرَة الْجَهَرَة . وقرىء { أَرِنَا ٱللَّه } النساء 153 . وأن تكون جمع زاهر ، وصفاً لهم بأنهم زاهرو هذه الدنيا ، لصفاء ألوانهم مما يلهون ويتنعمون وتهلل وجوههم وبهاء زيهم وشارتهم بخلاف ما عليه المؤمنون والصلحاء من شحوب الألوان والتقشف في الثياب { لِنَفْتِنَهُمْ } لنبلوهم حتى يستوجبوا العذاب ، لوجود الكفران منهم . أو لنعذبهم في الآخرة بسببه { وَرِزْقُ رَبّكَ } هو ما ادّخر له من ثواب الآخرة الذي هو خير منه في نفسه وأدوم . وأو ما رزقه من نعمة الإسلام والنبوّة . أو لأن أموالهم الغالب عليها الغصب والسرقة والحرمة من بعض الوجوه ، والحلال { خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } لأن الله لا ينسب إلى نفسه إلا ما حل وطاب دون ما حرم وخبث ، والحرام لا يسمى رزقاً أصلاً وعن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي رافع قال 688 بعثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى يهودي وقال " قلْ لَهُ يقولُ لَكَ رسولُ اللَّهِ أقرضْني إلى رجب " ، فقالَ واللَّهِ لا أقرضتُه إلاّ بَرْهَنَ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " إنِّي لأمينُ في السماءِ وإنِّي لأمين في الأرضِ ، احملْ إليهِ درعِي الحديدِ " فنزلَتْ ولا تمدّنَ عينيك .