Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 58-60)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لا يخلو الموعد في قوله { فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } من أن يجعل زماناً أو مكاناً أو مصدراً . فإن جعلته زماناً نظراً في أن قوله تعالى { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } مطابق له ، لزمك شيئان أن تجعل الزمان مخلفاً ، وأن يعضل عليك ناصب مكاناً وإن جعلته مكاناً لقوله تعالى { مَكَاناً سُوًى } لزمك . أيضاً أن توقع الإخلاف على المكان ، وأن لا يطابق قوله { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } وقراءة الحسن غير مطابقة له مكاناً وزمانا جميعاً ، لأنه قرأ { يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } بالنصب ، فبقي أن يجعل مصدراً بمعنى الوعد ، ويقدر مضاف محذوف ، أي مكان موعد ، ويجعل الضمير في { نُخْلِفُهُ } للموعد و { مَكَاناً } بدل من المكان المحذوف . فإن قلت فكيف طابقه قوله { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزّينَةِ } ولا بد من أن تجعله زماناً ، والسؤال واقع عن المكان لاعن الزمان ؟ قلت هو مطابق معنى وإن لم يطابق لفظاً ، لأنهم لا بدّ لهم من أن يجتمعوا يوم الزينة في مكان بعينه ، مشتهر باجتماعهم فيه في ذلك اليوم ، فبذكر الزمان علم المكان . وأما قراءة الحسن فالموعد فيها مصدر لا غير . والمعنى إنجاز وعدكم يوم الزينة . وطباق هذا أيضاً من طريق المعنى . ويجوز أن لا يقدر مضاف محذوف ، ويكون المعنى اجعل بيننا وبينك وعدا لا نخلفه . فإن قلت فيم ينتصب مكاناً ؟ قلت بالمصدر . أو بفعل يدل عليه المصدر . فإن قلت فكيف يطابقه الجواب ؟ قلت أما على قراءة الحسن فظاهر . وأما على قراءة العامة فعلى تقدير وعدكم وعد يوم الزينة . ويجوز على قراءة الحسن أن يكون « موعدكم » مبتدأ ، بمعنى الوقت . و { ضُحًى } خبره ، على نية التعريف فيه لأنه ضحى ذلك اليوم بعينه . وقيل في يوم الزينة يوم عاشوراء ، ويوم النّيروز ، ويوم عيد كان لهم في كل عام ، ويوم كانوا يتخذون فيه سوقاً ويتزينون ذلك اليوم . قرىء « نخلفه » بالرفع على الوصف للموعد . وبالجزم على جواب الأمر . وقرىء « سوى » وسوى ، بالكسر والضم ، ومنوّناً وغير منوّن . ومعناه منصفاً بيننا وبينك عن مجاهد ، وهو من الاستواء لأنّ المسافة من الوسط إلى الطرفين مستوية لا تفاوت فيها . ومن لم ينوّن فوجهه أن يجري الوصل مجرى الوقف . قرىء « وأن تحشر الناس » بالتاء والياء . يريد وأن تحشر يا فرعون . وأن يحشر اليوم . ويجوز أن يكون فيه ضمير فرعون ذكره بلفظ الغيبة إما على العادة التي يخاطب بها الملوك ، أو خاطب القوم بقوله { مَوْعِدُكُمْ } وجعل { يُحْشَرُ } لفرعون . ومحل { وَأَن يُحْشَرَ } الرفع أو الجرّ ، عطفاً على اليوم أو الزينة وإنما واعدهم ذلك اليوم ليكون علوّ كلمة الله وظهور دينه وكبت الكافر ، وزهوق الباطل على رؤوس الأشهاد وفي المجمع الغاصّ لتقوى رغبة من رغب في اتباع الحق ، ويكلّ حدّ المبطلين وأشياعهم ، ويكثر المحدث بذلك الأمر العلم في كل بدو وحضر ، ويشيع في جميع أهل الوبر والمدر .