Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 86-88)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الأسف الشديد الغضب . ومنه قوله عليهالصلاة و السلام في موت الفجأة . 686 " رحمة للمؤمن وأخذة أسف للكافر " وقيل الحزين . فإن قلت متى رجع إلى قومه ؟ قلت بعد ما استوفى الأربعين ذا القعدة وعشر ذي الحجة . وعدهم الله سبحانه أن يعطيهم التوراة التي فيها هدى ونور ، ولا وعد أحسن من ذاك وأجمل ، حكي لنا أنها كانت ألف سورة كل سورة ألف آية ، يحمل أسفارها سبعون جملاً { ٱلْعَهْدُ } الزمان ، يريد مدة مفارقته لهم . يقال طال عهدي بك ، أي طال زماني بسبب مفارقتك . وعدوه أن يقيموا على أمره وما تركهم عليه من الإيمان ، فأخلفوا موعده بعبادتهم العجل { بِمَلْكِنَا } قرىء بالحركات الثلاث ، أي ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا أمرنا ، أي لو ملكنا أمرنا وخلينا وراءنا لما أخلفناه ، ولكنا غلبنا من جهة السامري وكيده . أي حملنا أحمالاً من حليّ القبط التي استعرناها منهم . أو أرادوا بالأوزار أنها آثام وتبعات ، لأنهم كانوا معهم في حكم المستأمنين في دار الحرب . وليس للمستأمن أن يأخذ مال الحربي ، على أن الغنائم لم تكن تحل حينئذ { فَقَذَفْنَاهَا } في نار السامري ، التي أوقدها من الحفرة وأمرنا أن نطرح فيها الحلي وقرىء « حملنا » { فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِىُّ } أراهم أنه يلقي حلياً في يده مثل ما ألقوا . وإنما ألقى التربة التي أخذها من موطيء حيزوم فرس جبريل . أوحى إليه وليه الشيطان أنها إذا خالطت مواتا صار حيواناً { فَأَخْرَجَ لَهُمْ } السامري من الحفرة عجلاً خلقه الله من الحليّ التي سبكتها النار يخور كما تخور العجاجيل . فإن قلت كيف أثرت تلك التربة في إحياء الموات ؟ قلت أما يصحّ أن يؤثر الله سبحانه روح القدس بهده الكرامة الخاصة كما آثره بغيرها من الكرامات . وهي أن يباشر فرسه بحافره تربة إذا لاقت تلك التربة جماداً أنشأه الله إن شاء عند مباشرته حيواناً ألا ترى كيف أنشأ المسيح من غير أب عند نفخه في الدرع . فإن قلت فلم خلق الله العجل من الحليّ حتى صار فتنة لبني إسرائيل وضلالاً ؟ قلت ليس بأوّل محنة محن الله بها عباده ليثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين . ومن عجب من خلق العجل ، فليكن من خلق إبليس أعجب . والمراد بقوله { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ } هو خلق العجل للامتحان ، أي امتحناهم بخلق العجل وحملهم السامري على الضلال ، وأوقعهم فيه حين قال لهم { هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِىَ } أي فنسي موسى أن يطلبه ههنا ، وذهب يطلبه عند الطور . أو فنسي السامري أي ترك ما كان عليه من الإيمان الظاهر .