Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 57-58)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ معاذ بن جبل « بالله » وقرىء « تولوا » بمعنى تتولوا . ويقويها قوله { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } الصافات 90 . فإن قلت ما الفرق بين الباء والتاء ؟ قلت أن الباء هي الأصل ، والتاء بدل من الواو المبدلة منها ، وأن التاء فيها زيادة معنى وهو التعجب ، كأنه تعجب من تسهل الكيد على يده وتأتيه ، لأن ذلك كان أمراً مقنوطاً منه لصعوبته وتعذره . ولعمري إن مثله صعب متعذر في كل زمان . خصوصاً في زمن نمروذ مع عتوّه واستكباره وقوة سلطانه وتهالكه على نصرة دينه ولكن @ إذَا اللَّهُ سَنَّى عِقْدَ شَيْءٍ تَيَسَّرا @@ روي أن آزر خرج به في يوم عيد لهم ، فبدؤا ببيت الأصنام فدخلوه وسجدوا لها ووضعوا بينها طعاماً خرجوا به معهم وقالوا إلى أن نرجع بركت الآلهة على طعامنا ، فذهبوا وبقي إبراهيم فنظر إلى الأصنام وكانت سبعين صنماً مصطفة ، وثم صنم عظيم مستقبل الباب ، وكان من ذهب وفي عينيه جوهرتان تضيئان بالليل فكسرها ، كلها بفأس في يده ، حتى إذا لم يبق إلا الكبير علق الفأس في عنقه ، عن قتادة قال ذلك سرا من قومه ، وروي سمعه رجل واحد { جُذَاذاً } قطاعاً ، من الجذ وهو القطع . وقرىء بالكسر والفتح . وقرىء « جَذَذَاً » جمع جَذيذ ، و « جذذاً » جمع جذة . وإنما استبقى الكبير لأنه غلب في ظنه أنهم لا يرجعون إلا إليه ، لما تسامعوه من إنكاره لدينهم وسبه لآلهتهم ، فيبكتهم بما أجاب به من قوله { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْـئَلُوهُمْ } وعن الكلبي { إِلَيْهِ } إلى كبيرهم . ومعنى هذا لعلهم يرجعون إليه كما يرجع إلى العالم في حل المشكلات ، فيقولون له ما لهؤلاء مكسورة ومالك صحيحاً والفأس على عاتقك ؟ قال هذا بناء على ظنه بهم ، لما جرب وذاق من مكابرتهم لعقولهم واعتقادهم في آلهتهم وتعظيمهم لها . أو قاله مع علمه أنهم لا يرجعون إليه استهزاء بهم واستجهالاً ، وأن قياس حال من يسجد له ويؤهله للعبادة أن يرجع إليه في حل كل مشكل . فإن قلت فإذا رجعوا إلى الصنم بمكابرتهم لعقولهم ورسوخ الإشراك في أعراقهم ، فأي فائدة دينية في رجوعهم إليه حتى يجعله إبراهيم صلوات الله عليه غرضاً ؟ قلت إذا رجعوا إليه تبين أنه عاجز لا ينفع ولا يضر ، وظهر أنهم في عبادته على جهل عظيم .