Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 27-27)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ تَسْتَأْنِسُواْ } فيه وجهان أحدهما أنه من الاستئناس الظاهر الذي هو خلاف الاستيحاش لأن الذي يطرق باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا ؟ فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه ، فإذا أذن له استأنس ، فالمعنى حتى يؤذن لكم كقوله { لا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } الأحزاب 53 وهذا من باب الكناية والإرداف لأنّ هذا النوع من الاستئناس يردف الإذن . فوضع موضع الإذن . والثاني أن يكون من الاستئناس الذي هو الاستعلام والاستكشاف استفعال من أنس الشيء إذا أبصره ظاهراً مكشوفاً . والمعنى حتى تستعلموا وتستكشفوا الحال ، هل يراد دخولكم أم لا ؟ ومنه قولهم استأنس هل ترى أحداً ، واستأنست فلم أر أحداً ، أي تعرفت واستعلمت . ومنه بيت النابغة @ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحِدِ @@ ويجوز أن يكون من الإنس ، وهو أن يتعرف هل ثمة إنسان ؟ وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قلنا يا رسول الله ، ما الاستئناس ؟ قال " يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة والتحميدة ويتنحنح يؤذن أهل البيت . والتسليم أن يقول السلام عليكم ، أأدخل ؟ ثلاث مرات فإن أذن له وإلاّ رجع " 742 وعن أبي موسى الأشعري أنه أتى باب عمر رضي الله عنهما فقال السلام عليكم أأدخل ؟ قالها ثلاثاً ثم رجع وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " الاستئذان ثلاثا " 743 واستأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أألج ؟ فقال صلى الله عليه وسلم لامرأة يقالُ لها روضةٌ " قومي إلى هذا فعلِّميه ، فإنه لا يحسنُ أن يستأذنَ . قولي له يقولُ السلامُ عليكم أأدخلُ " ، فسمعَها الرجلُ فقالَها ، فقالَ « ادخلْ » . وكان أهل الجاهلية يقول الرجل منهم إذا دخل بيتاً غير بيته حييتم صباحاً ، وحييتم مساء ، ثم يدخل ، فربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف واحد ، فصدّ الله عن ذلك ، وعلم الأحسن والأجمل ، وكم من باب من أبواب الدين هو عند الناس كالشريعة المنسوخة قد تركوا العمل به ، وباب الاستئذان من ذلك بينا أنت في بيتك ، إذا رعف عليك الباب . بواحد من غير استئذان ولا تحية من تحايى إسلام ولا جاهلية ، وهو ممن سمع ما أنزل الله فيه ، وما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أين الأذن الواعية ؟ وفي قراءة عبد الله « حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا » . وعن ابن عباس وسعيد بن جبير إنما هو حتى تستأذنوا ، فأخطأ الكاتب . ولا يعوّل على هذه الرواية . وفي قراءة أبيّ « حتى تستأذنوا » { ذٰلِكُمْ } الاستئذان والتسليم { خَيْرٌ لَّكُمْ } من تحية الجاهلية والدمور - وهو الدخول بغير إذن - واشتقاقه من الدمار وهو الهلاك ، كأن صاحبه دامر لعظم ما ارتكب . وفي الحديث 744 " من سبقت عينه استئذانه فقد دمر " وروي 745 أنّ رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أأستأذن على أمي ؟ قالَ « نعم » ، قالَ إنها ليس لها خادمٌ غيري ، أأستأذن عليها كلما دخلْتُ ؟ قالَ « أتحبُّ أن تَراها عريانةً » قالَ الرجل لاَ . قال « فاستأذن » . { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي أنزل عليكم . أو قيل لكم هذا إرادة أن تذكروا وتتعظوا وتتعلموا بما أمرتم به في باب الاستئذان .