Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 1-2)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
البركة كثرة الخير وزيادته . ومنها { تَبَارَكَ ٱللَّهُ } الأعراف 54 وفيه معنيان تزايد خيره ، وتكاثر . أو تزايد عن كل شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله . والفرقان مصدر فرق بين الشيئين إذا فصل بينهما وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل . أو لأنه لم ينزل جملة واحدة ، ولكن مفروقاً ، مفصولاً بين بعضه وبعض في الإنزال . ألا ترى إلى قوله { وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَـٰهُ تَنْزِيلاً } الإسراء 106 وقد جاء الفرق بمعناه . قال @ وَمُشْرِكَيّ كَافِرٌ بِالْفَرْقِ @@ وعن ابن الزبير رضي الله عنه على عباده ، وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمّته ، كما قال { لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ } الأنبياء 10 ، { قُولُواْ ءامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا } البقرة 136 . والضمير في { لِيَكُونَ } لعبده أو للفرقان . ويعضد رجوعه إلى الفرقان قراءة ابن الزبير { لّلْعَـٰلَمِينَ } للجنّ والإنس { نَذِيراً } منذراً أي مخوّفاً أو إنذاراً ، كالنكير بمعنى الإنكار . ومنه قوله تعالى { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } القمر 16 ، 18 ، 21 ، 30 { ٱلَّذِى لَهُ } رفع على الإبدال من الذي نزل أو رفع على المدح ، أو نصب عليه . فإن قلت كيف جاز الفصل بين البدل والمبدل منه ؟ قلت ما فصل بينهما بشيء لأنّ المبدل منه صلته نزل . و « ليكون » تعليل له ، فكأنّ المبدل منه لم يتمّ إلاّ به . فإن قلت في الخلق معنى التقدير ، فما معنى قوله { وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } كأنه قال وقدّر كل شيء فقدّره ؟ قلت المعنى أنه أحدث كل شيء إحداثاً مراعي فيه التقدير والتسوية ، فقدّره وهيأه لما يصلح له ، مثاله أنه خلق الإنسان على هذا الشكل المقدّر المسوّى الذي تراه ، فقدّره للتكاليف والمصالح المنوطة به في بابي الدين والدنيا ، وكذلك كل حيوان وجماد جاء به على الجبلة المستوية المقدّرة بأمثلة الحكمة والتدبير ، فقدّره لأمر مّا ومصلحة مطابقاً لما قدر له غير متجاف عنه ، أو سمي إحداث الله خلقاً لأنه لا يحدث شيئاً لحكمته إلاّ على وجه التقدير من غير تفاوت ، فإذا قيل خلق الله كذا فهو بمنزلة قولك أحدث وأوجد من غير نظر إلى وجه الاشتقاق ، فكأنه قيل وأوجد كل شيء فقدّره في إيجاده لم يوجده متفاوتاً . وقيل فجعل له غاية ومنتهى . ومعناه فقدّره للبقاء إلى أمد معلوم .