Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 49-49)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وإنما قال { مَيْتًا } لأنّ البلدة في معنى البلد في قوله { فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيّتٍ } فاطر 9 ، وأنه غير جار على الفعل كفعول ومفعال ومفعيل . وقرىء « نسقيه » بالفتح . وسقى ، وأسقى لغتان . وقيل أسقاه جعل له سقياً . الأناسي جمع إنسي أو إنسان . ونحوه ظرابي في ظربان ، على قلب النون ياء ، والأصل أناسين وظرابين . وقرىء بالتخفيف بحذف ياء أفاعيل ، كقولك أناعم ، في أناعيم . فإن قلت إنزال الماء موصوفاً بالطهارة وتعليله بالإحياء والسقي يؤذن بأن الطهارة شرط في صحة ذلك ، كما تقول حملني الأمير على فرس جواد لأصيد عليه الوحش . قلت لما كان سقي الأناسي من جملة ما أنزل له الماء ، وصفه بالطهور إكراماً لهم ، وتتميماً للمنة عليهم ، وبياناً أن من حقهم حين أراد الله لهم الطهارة وأرادهم عليها أن يؤثروها في بواطنهم ثم في ظواهرهم ، وأن يربئوا بأنفسهم عن مخالطة القاذورات كلها كما ربأ بهم ربهم . فإن قلت لم خصّ الأنعام من بين ما خلق من الحيوان الشارب ؟ قلت لأن الطير والوحش تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب بخلاف الأنعام ولأنها قنية الأناسي ، وعامة منافعهم متعلقة بها ، فكان الإنعام عليهم بسقي أنعامهم كالإنعام بسقيهم . فإن قلت فما معنى تنكير الأنعام والأناسي ووصفها بالكثرة ؟ قلت معنى ذلك أن علية الناس وجلهم منيخون بالقرب من الأودية والأنهار ومنابع الماء ، ففيهم غنية عن سقي السماء وأعقابهم ـــ وهم كثير منهم ـــ لا يعيشهم إلاّ ما ينزل الله من رحمته وسقيا سمائه ، وكذلك قوله { لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً } يريد بعض بلاد هؤلاء المتبعدين من مظان الماء . فإن قلت لم قدم إحياء الأرض وسقي الأنعام على سقي الأناسي ؟ قلت لأنّ حياة الأناسيّ بحياة أرضهم وحياة أنعامهم ، فقدم ما هو سبب حياتهم وتعيشهم على سقيهم ، ولأنهم إذا ظفروا بما يكون سقيا أرضهم ومواشيهم ، لم يعدموا سقياهم .