Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 12-13)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ويضيق وينطلق ، بالرفع لأنهما معطوفان على خبر إنّ ، وبالنصب لعطفهما على صلة أن . والفرق بينهما في المعنى أنّ الرفع يفيد أنّ فيه ثلاث علل خوف التكذيب ، وضيق الصدر ، وامتناع انطلاق اللسان ، والنصب على أنّ خوفه متعلق بهذه الثلاثة . فإن قلت في النصب تعليق الخوف بالأمور الثلاثة ، وفي جملتها نفي انطلاق اللسان . وحقيقة الخوف إنما هي غم يلحق الإنسان لأمر سيقع ، وذلك كان واقعاً ، فكيف جاز تعليق الخوف به ؟ قلت قد علق الخوف بتكذيبهم وبما يحصل له بسببه من ضيق الصدر ، والحبسة في اللسان زائدة على ما كان به ، على أنّ تلك الحبسة التي كانت به قد زالت بدعوته . وقيل بقيت منها بقية يسيرة . فإن قلت أعتذارك هذا يردّه الرفع ، لأنّ المعنى إني خائف ضيق الصدر غير منطلق اللسان . قلت يجوز أن يكون هذا قبل الدعوة واستجابتها ، ويجوز أن يريد القدر اليسير الذي بقي به ، ويجوز أن لا يكون مع حل العقدة من لسانه من الفصحاء المصاقع الذين أوتوا سلاطة الألسنة وبسطة المقال ، وهارون كان بتلك الصفة ، فأراد أن يقرن به . ويدل عليه قوله تعالى { وَأَخِى هَـرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنّى لِسَاناً } القصص 34 ومعنى { فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَـٰرُونَ } أرسل إليه جبريل ، واجعله نبياً ، وآزرني به ، واشدد به عضدي ، وهذا كلام مختصر . وقد بسطه في غير هذا الموضع ، وقد أحسن في الاختصار حيث قال { فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَـٰرُونَ } فجاء بما يتضمن معنى الاستنباء ، ومثله في تقصير الطويلة والحسن قوله تعالى { فَقُلْنَا ٱذْهَبَا إِلَى ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا فَدَمَّرْنَـٰهُمْ تَدْمِيراً } الفرقان 36 حيث اقتصر على ذكر طرفي القصة أوّلها وآخرها ، وهما الإنذار والتدمير ، ودلّ بذكرهما على ما هو الغرض من القصة الطويلة كلها ، وهو أنهم قوم كذبوا بآيات الله ، فأراد الله إلزام الحجة عليهم ، فبعث إليهم رسولين فكذبوهما ، فأهلكهم . فإن قلت كيف ساغ لموسى عليه السلام أن يأمره الله بأمر فلا يتقبله بسمع وطاعة من غير توقف وتشبث بعلل ، وقد علم أن الله من ورائه ؟ قلت قد امتثل وتقبل ، ولكنه التمس من ربه أن يعضده بأخيه حتى يتعاونا على تنفيذ أمره وتبليغ رسالته ، فمهد قبل التماسه عذره فيما التمسه ، ثم التمس بعد ذلك ، وتمهيد العذر في التماس المعين على تنفيذ الأمر ليس بتوقف في امتثال الأمر ، ولا بتعلل فيه وكفى بطلب العون دليلاً على التقبل لا على التعلل .