Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 24-26)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فإن قلت من أين للهدهد التهدي إلى معرفة الله ، ووجوب السجود له ، وإنكار سجودهم للشمس وإضافته إلى الشيطان وتزيينه ؟ قلت لا يبعد أن يلهمه الله ذلك كما ألهمه وغيره من الطيور وسائر الحيوان المعارف اللطيفة التي لا يكاد العقلاء الرجاح العقول يهتدون لها ، ومن أراد استقراء ذلك فعليه بكتاب الحيوان ، خصوصاً في زمن نبيّ سخرت له الطيور وعلم منطقها ، وجعل ذلك معجزة له . من قرأ بالتشديد أراد « فصدّهم عن السبيل » لئلا يسجدوا فحذف الجار مع أن . ويجوز أن تكون « لا » مزيدة ، ويكون المعنى فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا . ومن قرأ بالتخفيف ، فهو « ألا يسجدوا » . ألا للتنبيه ، ويا حرف النداء ، ومناداه محذوف ، كما حذفه من قال @ أَلاَ يَا اسْلَمِي يَا دَارَ مَيٍّ عَلَى الْبِلَى @@ وفي حرف عبد الله وهي قراءة الأعمش « هلا » ، و « هلا » بقلب الهمزتين هاء . وعن عبد الله « هلا تسجدون » بمعنى ألا تسجدون على الخطاب . وفي قراءة أبيّ « ألا تسجدون لله الذي يخرج الخبء من السماء والأرض ويعلم سركم وما تعلنون » ، وسمي المخبوء بالمصدر وهو النبات والمطر وغيرهما مما خبأهُ عز وعلا من غيوبه . وقرىء « الخب » ، على تخفيف الهمزة بالحذف . والخبا ، على تخفيفها بالقلب ، وهي قراءة ابن مسعود ومالك بن دينار . ووجهها أن تخرج على لغة من يقول في الوقف هذا الخبو ، رأيت الخبا ، ومررت بالخبي ، ثم أجري الوصل مجرى الوقف ، لا على لغة من يقول الكمأة والحمأة لأنها ضعيفة مسترذلة . وقرىء « يخفون ويعلنون » بالياء والتاء . وقيل من أحطت إلى العظيم هو كلام الهدهد . وقيل كلام رب العزة . وفي إخراج الخبء أمارة على أنه من كلام الهدهد لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض ، وذلك بإلهام من يخرج الخبء في السموات والأرض جلت قدرته ولطف علمه ، ولا يكاد تخفى على ذي الفراسة النظار بنور الله مخائل كل مختص بصناعة أو فنّ من العلم في روائه ومنطقه وشمائله ، ولهذا ورد ما عمل عبد عملاً إلا ألقى الله عليه رداء عمله . فإن قلت أسجدة التلاوة واجبة في القراءتين جميعاً أم في إحداهما ؟ قلت هي واجبة فيهما جميعاً ، لأنّ مواضع السجدة إما أمرٌ بها ، أو مدحٌ لمن أتى بها ، أو ذمٌ لمن تركها ، وإحدى القراءتين أمر بالسجود ، والأخرى ذم للتارك . وقد اتفق أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله على أنّ سجدات القرآن أربع عشرة ، وإنما اختلفا في سجدة صۤ فهي عند أبي حنيفة سجدة تلاوة . وعند الشافعي سجدة شكر . وفي سجدتي سورة الحج وما ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد ، فغير مرجوع إليه . فإن قلت هل يفرق الواقف بين القراءتين ؟ قلت نعم إذا خفف وقف على { فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } ثم ابتداء { أَلاَّ يَسْجُدُواْ } ، وإن شاء وقف على « ألا » ثم ابتدأ { يَسْجُدُواْ } وإذا شدّد لم يقف إلا على { ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } . فإن قلت كيف سوّى الهدهد بين عرش بلقيس وعرش الله في الوصف بـ العظيم ؟ قلت بين الوصفين بون عظيم ، لأنّ وصف عرشها بالعظم تعظيم له بالإضافة إلى عروش أبناء جنسها من الملوك . ووصف عرش الله بالعظم تعظيم له بالنسبة إلى سائر ما خلق من السمٰوات والأرض . وقرىء « العظيم » بالرفع .