Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 4-5)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فإن قلت كيف أسند تزيين أعمالهم إلى ذاته ، وقد أسنده إلى الشيطان في قوله { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَعْمَـٰلَهُمْ } النمل 24 ، العنكبوت 38 ؟ قلت بين الإسنادين فرق ، وذلك أنّ إسناده إلى الشيطان حقيقة ، وإسناده إلى الله عز وجل مجاز ، وله طريقان في علم البيان . أحدهما أن يكون من المجاز الذي يسمى الاستعارة . والثاني أن يكون من المجاز الحكميّ ، فالطريق الأوّل أنه لما متعهم بطول العمر وسعة الرزق . وجعلوا إنعام الله بذلك عليهم وإحسانه إليهم ذريعة إلى اتباع شهواتهم وبطرهم وإيثارهم الروح والترفة ، ونفارهم عما يلزمهم فيه التكاليف الصعبة والمشاق المتعبة ، فكأنه زين لهم بذلك أعمالهم . وإليه أشارت الملائكة صلوات الله وسلامه عليهم في قولهم { وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَءابَاءهُمْ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذّكْرَ } الفرقان 18 والطريق الثاني أن إمهاله الشيطان وتخليته حتى يزين لهم ملابسة ظاهرة للتزيين ، فأسند إليه لأن المجاز الحكميّ يصححه بعض الملابسات ، وقيل هي أعمال الخير التي وجب عليهم أن يعملوها زينها لهم الله فعمهوا عنها وضلوا ، وعزى إلى الحسن . والعمه التحير والتردّد ، كما يكون حال الضال عن الطريق . وعن بعض الأعراب أنه دخل السوق وما أبصرها قط ، فقال رأيت الناس عمهين ، أراد متردّدين في أعمالهم وأشغالهم { سُوء ٱلْعَذَابِ } القتل والأسر يوم بدر . و { ٱلأَخْسَرُونَ } أشدّ الناس خسراناً لأنهم لو آمنوا لكانوا من الشهداء على جميع الأمم ، فخسروا ذلك مع خسران النجاة وثواب الله .