Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 48-49)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وأنت أميّ ما عرفك أحد قط بتلاوة كتاب ولا خط { إِذاً } لو كان شيء من ذلك ، أي ، من التلاوة والخط { لاَّرْتَـٰبَ ٱلْمُبْطِلُونَ } من أهل الكتاب وقالوا الذي نجده في كتبنا أمي لا يكتب ولا يقرأ وليس به . أو لارتاب مشركو مكة وقالوا لعله تعلمه أو كتبه بيده . فإن قلت لم سماهم مبطلين ، ولو لم يكن أمّياً وقالوا ليس بالذي نجده في كتبنا لكانوا صادقين محقين ؟ ولكان أهل مكة أيضاً على حق في قولهم لعله تعلمه أو كتبه فإنه رجل قارىء كاتب ؟ قلت سماهم مبطلين لأنهم كفروا به وهو أميّ بعيد من الريب ، فكأنه قال هؤلاء المبطلون في كفرهم به لو لم يكن أمّياً لارتابوا أشدّ الريب ، فحين ليس بقارىء كاتب فلا وجه لارتيابهم . وشيء آخر وهو أن سائر الأنبياء عليهم السلام لم يكونوا أمّيين ، ووجب الإيمان بهم وبما جاؤوا به ، لكونهم مصدقين من جهة الحكيم بالمعجزات ، فهب أنه قارىء كاتب فمالهم لم يؤمنوا به من الوجه الذي آمنوا منه بموسى وعيسى عليهما السلام ؟ على أن المنزلين ليسا بمعجزين ، وهذا المنزل معجز ، فإذاً هم مبطلون حيث لم يؤمنوا به وهو أمي ، ومبطلون لو لم يؤمنوا به وهو غير أمي . فإن قلت ما فائدة قوله { بِيَمِينِكَ } قلت ذكر اليمين وهي الجارحة التي يزاول بها الخط زيادة تصوير لما نفى عنه من كونه كاتباً . ألا ترى أنك إذا قلت في الإثبات رأيت الأمير يخط هذا الكتاب بيمينه ، كان أشد لإثباتك أنه تولى كتبته ، فكذلك النفي { بَلِ } القرآن { ءَايَٰتٌ بَيّنَـٰتٌ فِى صُدُورِ } العلماء به وحفاظه ، وهما من خصائص القرآن كون آياته بينات الإعجاز ، وكونه محفوظاً في الصدور يتلوه أكثر الأمة ظاهراً بخلاف سائر الكتب ، فإنها لم تكن معجزات ، وما كانت تقرأ إلا من المصاحف . ومنه ما جاء في صفة هذه الأمة 831 « صدورهم أناجيلهم » { وَمَا يَجْحَدُ } بآيات الله الواضحة ، إلا المتوغلون في الظلم المكابرون .