Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 65-66)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فإن قلت بم اتصل قوله { فَإِذَا رَكِبُواْ } ؟ قلت بمحذوف دلّ عليه ما وصفهم به وشرح من أمرهم ، معناه هم على ما وصفوا به من الشرك والعناد { فَإِذَا رَكِبُواْ فِى ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ } كائنين في صورة من يخلص الدين لله من المؤمنين ، حيث لا يذكرون إلا الله ولا يدعون معه إلٰهاً آخر . وفي تسميتهم مخلصين ضرب من التهكم { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرّ } وآمنوا عادوا إلى حال الشرك واللام في { لِيَكْفُرُواْ } محتملة أن تكون لام كي ، وكذلك في { وَلِيَتَمَتَّعُواْ } فيمن قرأها بالكسر . والمعنى أنهم يعودون إلى شركهم ليكونوا - بالعود إلى شركهم - كافرين بنعمة النجاة ، قاصدين التمتع بها والتلذذ لا غير ، على خلاف ما هو عادة المؤمنين المخلصين على الحقيقة إذا أنجاهم الله أن يشكروا نعمة الله في إنجائهم ، ويجعلوا نعمة النجاة ذريعة إلى ازدياد الطاعة ، لا إلى التمتع والتلذذ ، وأن تكون لام الأمر وقراءة من قرأ وليتمتعوا بالسكون تشهد له . ونحوه قوله تعالى { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فصلت 41 . فإن قلت كيف جاز أن يأمر الله تعالى بالكفر وبأن يعمل العصاة ما شاءوا ، وهو ناه عن ذلك ومتوعد عليه ؟ قلت هو مجاز عن الخذلان والتخلية ، وأن ذلك الأمر متسخط إلى غاية . ومثاله أن ترى الرجل قد عزم على أمر ، وعندك أنّ ذلك الأمر خطأ ، وأنه يؤدي إلى ضرر عظيم ، فتبالغ في نصحه واستنزاله عن رأيه ، فإذا لم تر منه إلا الإباء والتصميم ، حردت عليه وقلت له أنت وشأنك وافعل ما شئت ، فلا تريد بهذا حقيقة الأمر . وكيف والآمر بالشيء مريد له ، وأنت شديد الكراهة متحسر ، ولكنك كأنك تقول له فإذ قد أبيت قبول النصيحة ، فأنت أهل ليقال لك افعل ما شئت وتبعث عليه ، ليتبين لك - إذا فعلت - صحة رأي الناصح وفساد رأيك .