Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 27-27)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } فيما يجب عندكم وينقاس على أصولكم ويقتضيه معقولكم لأنّ من أعاد منكم صنعة شيء كانت أسهل عليه وأهون من إنشائها ، وتعتذرون للصانع إذا خطيء في بعض ما ينشئه بقولكم أوّل الغزو أخرق ، وتسمون الماهر في صناعته معاوداً ، تعنون أنه عاودها كرّة بعد أخرى حتى مرن عليها وهانت عليه . فإن قلت لم ذكر الضمير في قوله { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } والمراد به الإعادة ؟ قلت معناه وأن يعيده أهون عليه . فإن قلت لم أخرت الصلة في قوله { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } وقدّمت في قوله { هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ } مريم 21 ؟ قلت هناك قصد الاختصاص وهو محزه ، فقيل هو عليّ هين ، وإن كان مستصعباً عندكم أن يولد بين همّ وعاقر وأما ههنا فلا معنى للاختصاص ، كيف والأمر مبني على ما يعقلون من أنّ الإعادة أسهل من الابتداء فلو قدمت الصلة لتغير المعنى . فإن قلت ما بال الإعادة استعظمت في قوله { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ } حتى كأنها فضلت على قيام السمٰوات والأرض بأمره ، ثم هوّنت بعد ذلك ؟ قلت الإعادة في نفسها عظيمة ، ولكنها هوّنت بالقياس إلى الإنشاء . وقيل الضمير في عليه للخلق . ومعناه أنّ البعث أهون على الخلق من الإنشاء ، لأن تكوينه في حدّ الاستحكام ، والتمام أهون عليه وأقل تعباً وكبداً ، من أن يتنقل في أحوال ويندرج فيها إلى أن يبلغ ذلك الحدّ . وقيل الأهون بمعنى الهين . ووجه آخر وهو أن الإنشاء من قبيل التفضل الذي يتخير فيه الفاعل بين أن يفعله وأن لا يفعله ، والإعادة من قبيل الواجب الذي لا بدّ له من فعله ، لأنه لجزاء الأعمال وجزاؤها واجب ، والأفعال إما محال والمحال ممتنع أصلاً خارج عن المقدور ، وإما ما يصرف الحكيم عن فعله صارف وهو القبيح ، وهو رديف المحال لأنّ الصارف يمنع وجود الفعل كما تمنعه الإحالة . وإما تفضل والتفضل حالة بين بين ، للفاعل أن يفعله وأن لا يفعله . وإما واجب لا بدّ من فعله ، ولا سبيل إلى الإخلال به ، فكان الواجب أبعد الأفعال من الامتناع وأقربها من الحصول . فلما كانت الإعادة من قبيل الواجب ، كانت أبعد الأفعال من الامتناع . وإذا كانت أبعدها من الامتناع ، كانت أدخلها في التأني والتسهل ، فكانت أهون منها . وإذا كانت أهون منها كانت أهون من الإنشاء { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } أي الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثله قد عرف به . ووصف في السمٰوات والأرض على ألسنة الخلائق وألسنة الدلائل ، وهو أنه القادر الذي لا يعجز عن شيء من إنشاء وإعادة وغيرهما من المقدورات ، ويدل عليه قوله تعالى { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أي القاهر لكل مقدور { ٱلْحَكِيمُ } الذي يجري كل فعل على قضايا حكمته وعلمه . وعن مجاهد { ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } قول لا إلٰه إلا الله ، ومعناه وله الوصف الأعلى الذي هو الوصف بالوحدانية . ويعضده قوله تعالى { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مّنْ أَنفُسِكُمْ } الروم 28 وقال الزجاج { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي قوله تعالى { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } قد ضربه لكم مثلاً فيما يصعب ويسهل . يريد التفسير الأوّل .