Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 25-27)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } إلزام لهم على إقرارهم بأنّ الذي خلق السمٰوات والأرض هو الله وحده ، وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر . وأن لا يعبد معه غيره ، ثم قال { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أنّ ذلك يلزمهم ، وإذا نبهوا عليه لم ينتبهوا { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ } عن حمد الحامدين المستحق للحمد ، وإن لم يحمدوه . قرىء « والبحر » بالنصب عطفاً على اسم إنّ ، وبالرفع عطفاً على محل إن ومعمولها على معنى ولو ثبت كون الأشجار أقلاماً ، وثبت كون البحر ممدوداً بسبعة أبحر . أو على الابتداء والواو للحال ، على معنى . ولو أنّ الأشجار أقلام في حال كون البحر ممدوداً ، وفي قراءة ابن مسعود و « بحر يمدّه » على التنكير ، ويجب أن يحمل هذا على الوجه الأوّل . وقرىء « تمدّه » و « يمدّه » بالتاء والياء . فإن قلت كان مقتضى الكلام أن يقال ولو أنّ الشجر أقلام ، والبحر مداد . قلت أغنى عن ذكر المداد قوله يمدّه ، لأنه من قولك مدّ الدواة وأمدّها ، جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة ، وجعل الأبحر السبعة مملوءة مداداً ، فهي تصب فيه مداداً أبداً صباً لا ينقطع . والمعنى ولو أنّ أشجار الأرض أقلام ، والبحر ممدود بسبعة أبحر . وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله ، لما نفدت كلماته ونفدت الأقلام والمداد ، كقوله تعالى { قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لّكَلِمَـٰتِ رَبّى لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـٰتُ رَبّى } الكهف 109 . فإن قلت زعمت أنّ قوله { وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ } حال في أحد وجهي الرفع ، وليس فيه ضمير راجع إلى ذي الحال . قلت هو كقوله @ وَقَدِ اغْتَدَى وَالطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا @@ و جئت والجيش مصطف . وما أشبه ذلك من الأحوال التي حكمها حكم الظروف . ويجوز أن يكون المعنى وبحرها ، والضمير للأرض . فإن قلت لم قيل { مِن شَجَرَةٍ } على التوحيد دون اسم الجنس الذي هو شجر ؟ قلت أريد تفصيل الشجر وتقصيها شجرة شجرة ، حتى لا يبقى من جنس الشجر ولا واحدة إلا قد بريت أقلاماً . فإن قلت الكلمات جمع قلة ، والموضع موضع التكثير لا التقليل . فهلا قيل كلم الله ؟ قلت معناه أنّ كلماته لا تفي بكتبتها البحار ، فكيف بكلمه ؟ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت جواباً لليهود لما قالوا « قد أوتينا التوراة وفيها كل الحكمة » وقيل إن المشركين قالوا إنّ هذا - يعنون الوحي - كلام سينفد ، فأعلم الله أن كلامه لا ينفد . وهذه الآية عند بعضهم مدنية ، وأنها نزلت بعد الهجرة ، وقيل هي مكية ، وإنما أمر اليهود وفد قريش أن يقولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ألست تتلو فيما أنزل عليك أنا قد أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء { أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } لا يعجزه شيء { حَكِيمٌ } لا يخرج من علمه وحكمته شيء ، ومثله لا تنفد كلماته وحكمه .