Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 6-7)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اللهو كل باطل ألهى عن الخير وعما يعني و { لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } نحو السمر بالأساطير والأحاديث التي لا أصل لها ، والتحدث بالخرفات والمضاحيك وفضول الكلام ، وما لا ينبغي من كان وكان ، ونحو الغناء وتعلم الموسيقار ، وما أشبه ذلك . وقيل نزلت في النضر بن الحرث ، وكان يتجر إلى فارس ، فيشتري كتب الأعاجم فيحدث بها قريشاً ويقول إن كان محمد يحدثكم بحديث عاد وثمود فأنا أحدثكم بأحاديث رستم وبهرام والأكاسرة وملوك الحيرة ، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن . وقيل كان يشتري المغنيات ، فلا يظفر بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول أطعميه واسقيه وغنيه ، ويقول هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه . وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم 851 " لا يحلُّ بيعُ المغنياتِ ولا شراؤُهن ولا التجارةُ فيهنّ ولا أثمانهنّ " وعنه صلى الله عليه وسلم 852 " ما مِنْ رجلٍ يَرفعُ صوتَه بالغناءِ إلا بَعث اللَّهُ عليهِ شيطانَين أحدُهما على هذا المنكبِ والآخرُ على هذا المنكبِ ، فلا يزالان يضربانهِ بأَرجلِهِما حتى يكونَ هو الذي يسكتُ " ، وقيل الغناءُ منفدة للمال ، مسخطة للرب ، مفسدة للقلب . فإن قلت ما معنى إضافة اللهو إلى الحديث ؟ قلت معناها التبيين ، وهي الإضافة بمعنى من ، وأن يضاف الشيء إلى ما هو منه ، كقولك صفّة خز وباب ساج . والمعنى من يشتري اللهو من الحديث لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره ، فبين بالحديث . والمراد بالحديث . الحديث المنكر ، كما جاء في الحديث 853 " الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش " ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى « من » التبعيضية ، كأنه قيل ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه . وقوله { يَشْتَرِى } إما من الشراء ، على ما روى عن النضر من شراء كتب الأعاجم أو من شراء القيان . وإما من قوله { ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإيمَـٰنِ } آل عمران 177 أي استبدلوه منه واختاروه عليه . وعن قتادة اشتراؤه استحبابه ، يختار حديث الباطل على حديث الحق . وقرىء { لِيُضِلَّ } بضم الياء وفتحها . و { سَبِيلِ ٱللَّهِ } دين الإسلام أو القرآن . فإن قلت القراءة بالضم بينة ، لأن النضر كان غرضه باشتراء اللهو أن يصدّ الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ويضلهم عنه ، فما معنى القراءة بالفتح ؟ قلت فيه معنيان ، أحدهما ليثبت على ضلاله الذي كان عليه ، ولا يصدف عنه ، ويزيد فيه ويمدّه ، فإن المخذول كان شديد الشكيمة في عداوة الدين وصدّ الناس عنه . والثاني أن يوضع ليضل موضع ليضل ، من قبل أن من أضل كان ضالاً لا محالة ، فدل بالرديف على المردوف . فإن قلت ما معنى قوله { بِغَيْرِ عِلْمٍ } قلت لما جعله مشترياً لهو الحديث بالقرآن قال يشتري بغير علم بالتجارة وبغير بصيرة بها ، حيث يستبدل الضلال بالهدى والباطل بالحق . ونحوه قوله تعالى { فَمَا رَبِحَت تِّجَـٰرَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } البقرة 16 أي وما كانوا مهتدين للتجارة بصراء بها وقرىء { وَيَتَّخِذَهَا } بالنصب والرفع عطفاً على يشتري . أو ليضل ، والضمير للسبيل لأنها مؤنثة ، كقوله تعالى { وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ ءامَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا } الأعراف 86 . { وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً } زاما لا يعبأ بها ولا يرفع بها رأساً تشبه حاله في ذلك حال من لم يسمعها وهو سامع { كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْراً } أي ثقلاً ولا وقر فيهما ، وقرىء بسكون الذال . فإن قلت ما محل الجملتين المصدرتين بكأن ؟ قلت الأولى حال من مستكبراً والثانية من لم يسمعها ويجوز أن تكونا استئنافين ، والأصل في كأن المخففة كأنه ، والضمير ضمير الشأن .