Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 1-3)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الۤـمۤ } على أنها اسم السورة مبتدأ خبره { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } وإن جعلتها تعديداً للحروف ارتفع { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } بأنه خبر مبتدأ محذوف أو هو مبتدأ خبره { لاَ رَيْبَ فِيهِ } والوجه أن يرتفع بالابتداء ، وخبره { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } و { لاَ رَيْبَ فِيهِ } اعتراض لا محل له . والضمير في { فِيهِ } راجع إلى مضمون الجملة ، كأنه قيل لا ريب في ذلك ، أي في كونه منزلاً من رب العالمين ويشهد لوجاهته قوله { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } لأنّ قولهم هذا مفترى ، إنكار لأن يكون من رب العالمين ، وكذلك قوله { بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } وما فيه من تقدير أنه من الله وهذا أسلوب صحيح محكم أثبت أولاً أن تنزيله من رب العالمين ، وأن ذلك ما لا ريب فيه ، ثم أضرب عن ذلك إلى قوله { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } لأن « أم » هي المنقطعة الكائنة بمعنى بل والهمزة ، إنكاراً لقولهم وتعجيباً منه لظهور أمره في عجز بلغائهم عن مثل ثلاث آيات منه ، ثم أضرب عن الإنكار إلى إثبات أنه الحق من ربك . ونظيره أن يعلل العالم في المسألة بعلة صحيحة جامعة ، قد احترز فيها أنواع الاحتراز . كقول المتكلمين النظر أوّل الأفعال الواجبة على الإطلاق التي لا يعرى عن وجوبها مكلف ، ثم يعترض عليه فيها ببعض ما وقع احترازه منه ، فيرده بتلخيص أنه احترز من ذلك ، ثم يعود إلى تقرير كلامه وتمشيته . فإن قلت كيف نفى أن يرتاب في أنه من الله ، وقد أثبت ما هو أطم من الريب ، وهو قولهم { ٱفْتَرَاهُ } ؟ قلت معنى { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أن لا مدخل للريب في أنه تنزيل الله لأن نافي الريب ومميطه معه لا ينفك عنه وهو كونه معجزاً للبشر ، ومثله أبعد شيء من الريب . وأما قولهم { ٱفْتَرَاهُ } فإما قول متعنت مع علمه أنه من الله لظهور الإعجاز له ، أو جاهل يقوله قبل التأمل والنظر لأنه سمع الناس يقولونه { مَّا أَتَـٰهُم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ } كقوله { مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ } يس 6 وذلك أن أن قريشاً لم يبعث الله إليهم رسولاً قبل محمد صلى الله عليه وسلم . فإن قلت فإذا لم يأتهم نذير لم تقم عليهم حجة . قلت أما قيام الحجة بالشرائع التي لا يدرك علمها إلا بالرسل فلا ، وأما قيامها بمعرفة الله وتوحيده وحكمته فنعم لأن أدلة العقل الموصلة إلى ذلك معهم في كل زمان { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } فيه وجهان أن يكون على الترجي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ } طه 44 على الترجي من موسى وهرون عليهما السلام ، وأن يستعار لفظ الترجي للإرادة .