Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 13-15)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً } ومثل لهم مثلاً ، من قولهم عندي من هذا الضرب كذا ، أي من هذا المثال ، وهذه الأشياء على ضرب واحد ، أي على مثال واحد . والمعنى واضرب لهم مثلاً مثل أصحاب القرية ، أي اذكر لهم قصة عجيبة قصة أصحاب القرية . والمثل الثاني بيان للأوّل . وانتصاب إذ بأنه بدل من أصحاب القرية . والقرية أنطاكية . و { ٱلْمُرْسَلُونَ } رسل عيسى عليه السلام إلى أهلها ، بعثهم دعاة إلى الحق وكانوا عبدة أوثان . أرسل إليهم اثنين ، فلما قربا من المدينة رأيا شيخاً يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار صاحب يۤس ، فسألهما فأخبراه ، فقال أمعكما آية ؟ فقالا نشفي المريض ونبرىء الأكمه والأبرص ، وكان له ولد مريض من سنتين فمسحاه ، فقام ، فآمن حبيب وفشا الخبر ، فشفي على أيديهما خلق كثير ، ورقى حديثهما إلى الملك وقال لهما ألنا إلٰه سوى آلهتنا ؟ قالا نعم من أوجدك وآلهتك ، فقال حتى انظر في أمركما ، فتبعهما الناس وضربوهما . وقيل حبسا . ثم بعث عيسى عليه السلام شمعون فدخل متنكراً وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ، ورفعوا خبره إلى الملك فأنس به ، فقال له ذات يوم بلغني أنك حبست رجلين فهل سمعت ما يقولانه ؟ فقال لا ، حال الغضب بيني وبين ذلك ، فدعاهما ، فقال شمعون من أرسلكما ؟ قالا الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك ، فقال صفاه وأوجزا . قالا يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد . قال وما آيتكما ؟ قالا ما يتمنّى الملك ، فدعا بغلام مطموس العينين ، فدعوا الله حتى انشق له بصر ، وأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فكانتا مقلتين ينظر بهما ، فقال له شمعون أرأيت لو سألت إلـٰهك حتى يضع مثل هذا فيكون لك وله الشرف . قال ليس لي عنك سر ، إنّ إلـٰهنا لا يبصر ولا يسمع ولا يضرّ ولا ينفع ، وكان شمعون يدخل معهم على الصنم فيصلي ويتضرع ويحسبون أنه منهم ، ثم قال إن قدر إلـٰهكما على إحياء ميت آمنا به ، فدعوا بغلام مات من سبعة أيام فقام وقال إني أدخلت في سبعة أودية من النار ، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا ، وقال فتحت أبواب السماء فرأيت شاباً حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة ، قال الملك ومن هم ؟ قال شمعون وهذان ، فتعجب الملك . فلما رأى شمعون أنّ قوله قد أثّر فيه نصحه فآمن وآمن معه قوم ، ومن لن يؤمن صاح عليهم جبريل عليه السلام صيحة فهلكوا { فَعَزَّزْنَا } فقوّينا . يقال المطر يعزز الأرض إذا لبدها وشدّها ، وتعزز لحم الناقة . وقرىء بالتخفيف من عزه يعزه إذا غلبه ، أي فغلبنا وقهرنا { بِثَالِثٍ } وهو شمعون . فإن قلت لم ترك ذكر المفعول به ؟ قلت لأنّ الغرض ذكر المعزز به وهو شمعون وما لطف فيه من التدبير حتى عزّ الحق وذلّ الباطل ، وإذا كان الكلام منصباً إلى غرض من الأغراض جعل سياقه له وتوجهه إليه ، كأن ما سواه مرفوض مطرح . ونظيره قولك حكم السلطان اليوم بالحق ، الغرض المسوق إليه قولك بالحق فلذلك رفضت ذكر المحكوم وله المحكوم عليه ما أنتم إلا بشر مثلنا . إنما رفع بشر هنا ونصب في قوله { مَا هَـٰذَا بَشَرًا } يوسف 31 لأنّ إلاّ تنقض النفي ، فلا يبقى لما المشبهة بليس شبه ، فلا يبقى له عمل . فإن قلت لم قيل { إنا إليكم مرسلون } أوّلاً ، و { إِنّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } آخراً ؟ قلت لأنّ الأوّل ابتداء إخبار ، والثاني جواب عن إنكار .