Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 38-40)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لِمُسْتَقَرّ لَّهَـا } لحدّ لها مؤقت مقدّر تنتهي إليه من فلكها في آخر السنة ، شبه بمستقرّ المسافر إذا قطع مسيره ، أو لمنتهى لها من المشارق والمغارب لأنها تتقصاها مشرقاً مشرقاً ومغرباً مغرباً حتى تبلغ أقصاها ، ثم ترجع فذلك حدّها ومستقرّها لأنها لا تعدوه أو لحدّ لها من مسيرها كل يوم في مرأى عيوننا وهو المغرب . وقيل مستقرّها أجلها الذي أقرّ الله عليه أمرها في جريها ، فاستقرّت عليه وهو آخر السنة . وقيل الوقت الذي تستقرّ فيه وينقطع جريها وهو يوم القيامة . وقرىء « تجري إلى مستقر لها » وقرأ ابن مسعود « لا مستقرّ لها » أي لا تزال تجري لا تستقرّ . وقرىء « لا مستقرّ لها » على أنّ لا بمعنى ليس { ذَلِكَ } الجري على ذلك التقدير والحساب الدقيق الذي تكل الفطن عن استخراجه وتتحير الأفهام في استنباطه ، ما هو إلا تقدير الغالب بقدرته على كل مقدور ، المحيط علماً بكل معلوم . قرىء « والقمرُ » رفع على الابتداء ، أو عطفاً على الليل ، يريد ومن آياته القمر ، ونصباً بفعل يفسره قدرناه ، ولا بدّ في { قَدَّرْنَـٰهُ مَنَازِلَ } . من تقدير مضاف لأنه لا معنى لتقدير نفس القمر منازل والمعنى قدرنا مسيره منازل وهي ثمانية وعشرون منزلاً ، ينزل القمر كلّ ليلة في واحد منها لا يتخطاه ولا يتقاصر عنه ، على تقدير مستوٍ لا يتفاوت ، يسير فيها كل ليلة من المستهل إلى الثامنة والعشرين ، ثم يستتر ليلتين أو ليلة إذا نقص الشهر ، وهذه المنازل هي مواقع النجوم التي نسبت إليها العرب الأنواء المستمطرة ، وهي الشرطان ، البطين ، الثريا ، الدبران ، الهقعة ، الهنعة ، الذراع ، النثرة ، الطرف ، الجبهة ، الزبرة ، الصرفة ، العوّا ، السماك ، الغفر ، الزباني ، الإكليل ، القلب ، الشولة ، النعائم ، البلدة ، سعد الذابح ، سعد بلع ، سعد السعود ، سعد الأخبية ، فرغ الدلو المقدم ، فرغ الدلو المؤخر ، الرشا . فإذا كان في آخر منازله دقّ واستقوس ، و { عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ } وهو عود العذق ، ما بين شماريخه إلى منبته من النخلة . وقال الزجاج هو « فعلون » من الانعراج وهو الانعطاف . وقرىء « العرجون » بوزن الفرجون وهما لغتان ، كالبزيون والبزيون ، والقديم المحول ، وإذا قدم دق فانحنىٰ واصفر ، فشبه به من ثلاثة أوجه . وقيل أقل مدّة الموصوف بالقدم الحول ، فلو أنّ رجلاً قال كل مملوك لي قديم فهو حرّ . أو كتب ذلك في وصيته عتق منهم من مضى له حول أو أكثر . وقرىء « سابق النهار » . على الأصل ، والمعنى أنّ الله تعالى قسم لكل واحد من الليل والنهار وآيتيهما قسماً من الزمان ، وضرب له حدّاً معلوماً ، ودبر أمرهما على التعاقب ، فلا ينبغي للشمس أي لا يتسهل لها ولا يصحّ ولا يستقيم لوقوع التدبير على المعاقبة ، وإن جعل لكل واحد من النيرين سلطان على حياله { أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ } فتجتمع معه في وقت واحد وتداخله في سلطانه فتطمس نوره ، ولا يسبق الليل النهار يعني آية الليل آية النهار وهما النيران ، ولا يزال الأمر على هذا الترتيب إلى أن يبطل الله ما دبر من ذلك ، وينقض ما ألف فيجمع بين الشمس والقمر ، ويُطلع الشمس من مغربها فإن قلت لم جعلت الشمس غير مدركة ، والقمر غير سابق ؟ قلت لأنّ الشمس لا تقطع فلكها إلا في سنة ، والقمر يقطع فلكه في شهر ، فكانت الشمس جديرة بأن توصف بالإدراك لتباطىء سيرها عن سير القمر ، والقمر خليقاً بأن يوصف بالسبق لسرعة سيره { وَكُلٌّ } التنوين فيه عوض عن المضاف إليه ، والمعنى وكلهم ، والضمير للشموس والأقمار على ما سبق ذكره .