Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 17-18)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلطَّـٰغُوتَ } فعلوت من الطغيان كالملكوت والرحموت ، إلا أن فيها قلباً بتقديم اللام على العين ، أطلقت على الشيطان أو الشياطين ، لكونها مصدراً وفيها مبالغات ، وهي التسمية بالمصدر ، كأن عين الشيطان طغيان ، وأنّ البناء بناء مبالغة ، فإنّ الرحموت الرحمة الواسعة ، والملكوت الملك المبسوط ، والقلب هو للاختصاص ، إذ لا تطلق على غير الشيطان ، والمراد بها ههنا الجمع . وقرىء « الطواغيت » { أَن يَعْبُدُوهَا } بدل من الطاغوت بدل الاشتمال { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ } هي البشارة بالثواب ، كقوله تعالى { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلأَخِرَةِ } يونس 64 الله عزّ وجلّ يبشرهم بذلك في وحيه على ألسنة رسله ، وتتلقاهم الملائكة عند حضور الموت مبشرين ، وحين يحشرون . قال الله تعالى { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّـٰتٌ } الحديد 12 وأراد بعباده { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } الذين اجتنبوا وأنابوا لا غيرهم ، وإنما أراد بهم أن يكونوا مع الاجتناب والإنابة على هذه الصفة ، فوضع الظاهر موضع الضمير ، وأراد أن يكونوا نقاداً في الدين يميزون بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل ، فإذا اعترضهم أمران واجب وندب ، اختاروا الواجب ، وكذلك المباح والندب ، حرّاصاً على ما هو أقرب عند الله وأكثر ثواباً ، ويدخل تحته المذاهب واختيار أثبتها على السبك وأقواها عند السبر ، وأبينها دليلاً أو أمارة ، وأن لا تكون في مذهبك ، كما قال القائل @ وَلاَ تَكُنْ مِثْلَ عَيْرٍ قِيدَ فَانْقَادَا @@ يريد المقلد ، وقيل يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن . وقيل يستمعون أوامر الله فيتبعون أحسنها ، نحو القصاص والعفو ، والانتصار والإغضاء ، والإبداء والإخفاء لقوله تعالى { وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } البقرة 237 ، { وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } البقرة 271 وعن ابن عباس رضي الله عنهما هو الرجل يجلس مع القوم فيسمع الحديث فيه محاسن ومساو ، فيحدّث بأحسن ما سمع ويكف عما سواه . ومن الوقفة من يقف على قوله { فبشر عبادي } ، ويبتدىء { الذين يستمعون } يرفعه على الابتداء ، وخبره { أُوْلَـٰۤئِكَ } .