Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 107-110)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ } يخونونها بالمعصية . كقوله { عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ } البقرة 187 جعلت معصية العصاة خيانة منهم لأنفسهم كما جعلت ظلماً لها لأنّ الضرر راجع إليهم . فإن قلت لم قيل { للخائنين } و { يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ } وكان السارق طعمة وحده ؟ قلت لوجهين ، أحدهما أنّ بني ظفر شهدوا له بالبراءة ونصروه ، فكانوا شركاء له في الإثم . والثاني أنه جمع ليتناول طعمة وكل من خان خيانته ، فلا تخاصم لخائن قط ولا تجادل عنه . فإن قلت لم قيل { خَوَّاناً أَثِيماً } على المبالغة ؟ قلت كان الله عالماً من طعمة بالإفراط في الخيانة وركوب المآثم ، ومن كانت تلك خاتمة أمره لم يشك في حاله . وقيل إذا عثرت من رجل على سيئة فاعلم أن لها أخوات . وعن عمر رضي الله عنه أنه أمر بقطع يد سارق ، فجاءت أمه تبكي وتقول هذه أوّل سرقة سرقها فاعف عنه . فقال كذبت ، إن الله لا يؤاخذ عبده في أول مرة { يَسْتَخْفُونَ } يستترون { مِنَ ٱلنَّاسِ } حياء منهم وخوفاً من ضررهم { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ } ولا يستحيون منه { وَهُوَ مَعَهُمْ } وهو عالم بهم مطلع عليهم لا يخفى عليهم خاف من سرهم ، وكفى بهذه الآية ناعية على الناس ما هم من قلة الحياء والخشية من ربهم ، مع علمهم إن كانوا مؤمنين أنهم في حضرته لا سترة ولا غفلة ولا غيبة ، وليس إلا الكشف الصريح والافتضاح { يُبَيّتُونَ } يدبرون ويزوّرون وأصله أن يكون بالليل { مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } وهو تدبير طعمة أن يرمي بالدرع في دار زيد ليسرّق دون ويحلف ببراءته . فإن قلت كيف سمى التدبير قولاً ، وإنما هو معنى في النفس ؟ قلت لما حدّث بذلك نفسه سمي قولاً على المجاز . ويجوز أن يراد بالقول الحلف الكاذب الذي حلف به بعد أن بيته ، وتوريكه الذنب على اليهودي { هٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاء } ها للتنبيه في أنتم . وأولاء ، وهما مبتدأ وخبر . و { جَـٰدَلْتُمْ } جملة مبينة لوقوع أولاء خبرا ، كما تقول لبعض الأسخياء أنت حاتم ، تجود بمالك ، وتؤثر على نفسك . ويجوز أن يكون أولاء اسماً موصولاً بمعنى الذين ، وجادلتم صلته . والمعنى هبوا أنكم خاصمتم عن طعمة وقومه في الدنيا . فمن يخاصم عنهم في الآخرة إذا أخذهم الله بعذابه . وقرأ عبد الله « عنه » ، أي عن طعمة { وَكِيلاً } حافظاً ومحامياً من بأس الله وانتقامه { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً } قبيحاً متعدياً يسوء به غيره ، كما فعل طعمة بقتادة واليهودي { أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } بما يختص به كالحلف الكاذب . وقيل ومن يعمل سوءاً من ذنب دون الشرك . أو يظلم نفسه بالشرك . وهذا بعث لطعمة على الاستغفار والتوبة لتلزمه الحجة ، مع العلم بما يكون منه . أو لقومه لما فرط منهم من نصرته والذبّ عنه .