Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 140-141)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ } هي أن المخففة من الثقيلة . والمعنى أنه إذا سمعتم ، أي نزل عليكم أنّ الشأن كذا والشأن ما أفادته الجملة بشرطها وجزائها ، وأن مع ما في حيزها في موضع الرفع بـ نَزَّل ، أو في موضع النصب بـ ننزّل ، فيمن قرأ به . والمنزل عليهم في الكتاب هو ما نزل عليهم بمكة من قوله { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى ءايَـٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ } الأنعام 68 وذلك أن المشركين كانوا يخضون في ذكر القرآن في مجالسهم فيستهزؤون به ، فنهى المسلمون عن القعود معهم ما داموا خائضين فيه . وكان أحبار اليهود بالمدينة يفعلون نحو فعل المشركين ، فنهوا أن يقعدوا معهم كما نهوا عن مجالسة المشركين بمكة . وكان الذين يقاعدون الخائضين في القرآن من الأحبار هم المنافقون ، فقيل لهم إنكم إذاً مثل الأحبار في الكفر { إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْكَـٰفِرِينَ } يعني القاعدون والمقعود معهم . فإن قلت الضمير في قوله { فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ } إلى من يرجع ؟ قلت إلى من دل عليه { يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا } كأنه قيل فلا تقعدوا مع الكافرين بها والمستهزئين بها . فإن قلت لم يكونوا مثلهم بالمجالسة إليهم في وقت الخوض ؟ قلت لأنهم إذا لم ينكروا عليهم كانوا راضين . والراضي بالكفر كافر . فإن قلت فهلا كان المسلمون بمكة ـــ حين كانوا يجالسون الخائضين من المشركين ـــ منافقين ؟ قلت لأنهم كانوا لا ينكرون لعجزهم وهؤلاء لم ينكروا مع قدرتهم ، فكان ترك الإنكار لرضاهم { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ } إما بدل من الذين يتخذون وإما صفة للمنافقين أو نصب على الذم منهم { يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } أي ينتظرون بكم ما يتجدد لكم من ظفر أو إخفاق { أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } مظاهرين فأسهموا لنا في الغنيمة { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم فأبقينا عليكم { وَنَمْنَعْكُمْ مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بأن ثبطناهم عنكم . وخيلنا لهم ما ضعفت به قلوبكم ومرضوا في قتالكم ، وتوانينا في مظاهرتهم عليكم ، فهاتوا نصيباً لنا بما أصبتم . وقرىء « ونمنعكم » بالنصب إضمار أن ، قال الحطيئة @ أَلَمْ أَكُ جَارَكُمْ وَيَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْمَوَدَّةُ وَالإِخَاءُ @@ فإن قلت لم سمى ظفر المسلمين فتحاً ، وظفر الكافرين نصيباً ؟ قلت تعظيماً لشأن المسلمين وتخسيساً لحظ الكافرين لأن ظفر المسلمين أمر عظيم تفتح لهم أبواب السماء حتى ينزل على أوليائه ، وأمّا ظفر الكافرين ، فما هو إلا حظ دنيّ ولمظة من الدنيا يصيبونها .