Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 163-166)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } جواب لأهل الكتاب عن سؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتاباً من السماء . واحتجاج عليهم بأنّ شأنه في الوحي إليه كشأن سائر الأنبياء الذين سلفوا . وقرىء « زبوراً » بضم الزاي جمع زبر وهو الكتاب { وَرُسُلاً } نصب بمضمر في معنى أوحينا إليك وهو أرسلنا ، ونبأنا ، وما أشبه ذلك . أو بما فسره قصصناهم . وفي قراءة أبيّ « ورسل قد قصصناهم عليك من قبل ورسل لم نقصصهم » . وعن إبراهيم ويحيى بن وثاب أنهما قرآ { وَكَلَّمَ ٱللَّهُ } بالنصب . ومن بدع التفاسير أنه من الكَلْم ، وأن معناه وجرّح الله موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن { رُّسُلاً مُّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ } الأوجه أن ينتصب على المدح . ويجوز انتصابه على التكرير . فإن قلت كيف يكون للناس على الله حجة قبل الرسل ، وهم محجوجون بما نصبه الله من الأدلة التي النظر فيها موصل إلى المعرفة ، والرسل في أنفسهم لم يتوصلوا إلى المعرفة إلا بالنظر في تلك الأدلة ، ولا عرف أنهم رسل الله إلا بالنظر فيها ؟ قلت الرسل منبهون عن الغفلة ، وباعثون على النظر ، كما ترى علماء أهل العدل والتوحيد مع تبليغ ما حملوه من تفضيل أمور الدين وبيان أحوال التكليف وتعليم الشرائع ، فكان إرسالهم إزاحة للعلة وتتميماً لإلزام الحجة ، لئلا يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولاً فيوقظنا من سنة الغفلة وينبهنا لما وجب الانتباه له . وقرأ السلمي لكنّ الله يشهد ، بالتشديد . فإن قلت الاستدراك لا بدّ له من مستدرك فما هو قوله { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ } ؟ قلت لما سأل أهل الكتاب إنزال الكتاب من السماء وتعنتوا بذلك واحتج عليهم بقوله { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } قال لكن الله يشهد ، بمعنى أنهم لا يشهدون لكن الله يشهد . وقيل لما نزل { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } قالوا ما نشهد لك بهذا ، فنزل { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ } ومعنى شهادة الله بما أنزل إليه إثباته لصحته بإظهار المعجزات ، كما تثبت الدعاوى بالبينات . وشهادة الملائكة شهادتهم بأنه حق وصدق . فإن قلت بم يجابون لو قالوا بم يعلم أن الملائكة يشهدون بذلك ؟ قلت يجابون بأنه يعلم بشهادة الله ، لأنه لما علم بإظهار المعجزات أنه شاهد بصحته علم أن الملائكة يشهدون بصحة ما شهد بصحته لأنّ شهادتهم تبع لشهادته . فإن قلت ما معنى قوله { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } وما موقعه من الجملة التي قبله ؟ قلت معناه أنزله ملتبساً بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره ، وهو تأليفه على نظم وأسلوب يعجز عنه كل بليغ وصاحب بيان ، وموقعه مما قبله موقع الجملة المفسرة لأنه بيان للشهادة ، وأن شهادته بصحته أنه أنزله بالنظم المعجز الفائت للقدرة . وقيل أنزله وهو عالم بأنك أهل لإنزاله إليك وأنك مبلغه . وقيل أنزله مما علم من مصالح العباد مشتملاً عليه . ويحتمل أنه أنزل وهو عالم به رقيب عليه حافظ له من الشياطين برصد من الملائكة ، والملائكة يشهدون بذلك ، كما قال في آخر سورة الجنّ . ألا ترى إلى قوله تعالى { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } الجن 8 والإحاطة بمعنى العلم { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } وإن لم يشهد غيره ، لأنّ التصديق بالمعجزة هو الشهادة حقاً { قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَـٰدةً قُلِ ٱللَّهِ } الأنعام 19 .