Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 49-50)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر إذاقة الإنسان الرحمة وإصابته بضدّها أتبع ذلك أنّ له الملك وأنه يقسم النعمة والبلاء كيف أراد ، ويهب لعباده من الأولاد ما تقتضيه مشيئته ، فيخص بعضاً بالإناث وبعضاً بالذكور ، وبعضاً بالصنفين جميعاً ، ويعقم آخرين فلا يهب لهم ولداً قط . فإن قلت لم قدّم الإناث أوّلاً على الذكور مع تقدّمهم عليهنّ ، ثم رجع فقدّمهم ، ولم عرف الذكور بعد ما نكر الإناث ؟ قلت لأنه ذكر البلاء في آخر الآية الأولى وكفران الإنسان بنسيانه الرحمة السابقة عنده ، ثم عقبه بذكر ملكه ومشيئته وذكر قسمة الأولاد ، فقدم الإناث لأنّ سياق الكلام أنه فاعل ما يشاؤه لا ما يشاؤه الإنسان ، فكان ذكر الإناث اللاتي من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهم ، والأهم واجب التقديم ، وليلي الجنس الذي كانت العرب تعدّه بلاء ذكر البلاء ، وأخر الذكور فلما أخرهم لذلك تدارك تأخيرهم ، وهم أحقاء بالتقديم بتعريفهم لأن التعريف تنويه وتشهير ، كأنه قال ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم ، ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حقه من التقديم والتأخير ، وعرّف أن تقديمهنّ لم يكن لتقدمهنّ ، ولكن لمقتض آخر فقال { ذُكْرَاناً وَإِنَـٰثاً } كما قال { إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ } الحجرات 13 ، { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلاْنثَىٰ } القيامة 39 وقيل نزلت في الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه ، حيث وهب لشعيب ولوط إناثاً ، ولإبراهيم ذكوراً ، ولمحمد ذكوراً وإناثاً ، وجعل يحيى وعيسى عقيمين { إِنَّهُ عَلِيمٌ } بمصالح العباد { قَدِيرٌ } على تكوين ما يصلحهم .