Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 26-28)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرىء « براء » بفتح الباء وضمها . وبرىء ، فبرىء وبراء ، نحو كريم وكرام وبراء مصدر كظماء ، ولذلك استوى فيه الواحد والاثنان والجماعة ، والمذكر والمؤنث . يقال نحن البراء منك ، والخلاء منك { ٱلَّذِى فَطَرَنِى } فيه غير وجه أن يكون منصوباً على أنه استثناء منقطع ، كأنه قال لكن الذي فطرني فإنه سيهدين ، وأن يكون مجروراً بدلاً من المجرور بمن كأنه قال إنني براء مما تعبدون إلا من الذي فطرني . فإن قلت كيف تجعله بدلاً وليس من جنس ما يعبدون من وجهين ، أحدهما أن ذات الله مخالفة لجميع الذوات ، فكانت مخالفة لذوات ما يعبدون . والثاني ، أن الله تعالى غير معبود بينهم والأوثان معبودة ؟ قلت قالوا كانوا يعبدون الله مع أوثانهم ، وأن تكون { إِلاَّ } صفة بمعنى غير ، على أن { مَا } في ما تعبدون موصوفة . تقديره إنني براء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرني ، فهو نظير قوله تعالى { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } الأنبياء 22 . فإن قلت ما معنى قوله { سَيَهْدِينِ } على التسويف ؟ قلت قال مرة { فَهُوَ يَهْدِينِ } الشعراء 78 ومرة { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } فاجمع بينهما وقدّر ، كأنه قال . فهو يهدين وسيهدين ، فيدلان على استمرار الهداية في الحال والاستقبال { وَجَعَلَهَا } وجعل إبراهيم صلوات الله عليه كلمة التوحيد التي تكلم بها وهي قوله إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني { كَلِمَةً بَـٰقِيَةً فِى عَقِبِهِ } في ذريته ، فلا يزال فيهم من يوحد الله ويدعو إلى توحيده ، لعل من أشرك منهم يرجع بدعاء من وحد منهم . ونحوه { وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرٰهِيمُ بَنِيهِ } البقرة 132 وقيل وجعلها الله . وقرىء « كلمة » على التخفيف وفي عقبه كذلك ، وفي عاقبه ، أي فيمن عقبه ، أي خلفه .