Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 30-31)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فإن قلت قد جعل مجيء الحق والرسول غاية التمتيع ، ثم أردفه قوله { وَلَمَّا جَاءَهُمُ ٱلْحَقُّ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ } فما طريقه هذا النظم ومؤداه ؟ قلت المراد بالتمتيع ما هو سبب له ، وهو اشتغالهم بالاستمتاع عن التوحيد ومقتضياته ، فقال بل اشتغلوا عن التوحيد حتى جاءهم الحق ورسول مبين ، فخيل بهذه الغاية أنهم تنبهوا عندها عن غفلتهم لاقتضائها التنبه ، ثم ابتدأ قصتهم عند مجيء الحق فقال ولما جاءهم الحق جاؤوا بما هو شر من غفلتهم التي كانوا عليها وهو أن ضموا إلى شركهم معاندة الحق ، ومكابرة الرسول ، ومعاداته ، والاستخفاف بكتاب الله وشرائعه ، والإصرار على أفعال الكفرة والاحتكام على حكمة الله في تخير محمد من أهل زمانه بقولهم { لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } وهي الغاية في تشويه صورة أمرهم ، قرىء « على رجل » بسكون الجيم من القريتين من إحدى القريتين ، كقوله تعالى { يَخْرُجُ مِنْهَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } الرحمٰن 22 أي من أحدهما . والقريتان مكة والطائف . وقيل من رجلي القريتين ، وهما الوليد بن المغيرة المخزومي وحبيب بن عمرو بن عمير الثقفي ، عن ابن عباس . وعن مجاهد عتبة بن ربيعة وكنانة بن عبد ياليل . وعن قتادة الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي ، وكان الوليد يقول لو كان حقاً ما يقول محمد لنزل هذا القرآن عليّ أو على أبي مسعود الثقفي ، وأبو مسعود كنية عروة بن مسعود ما زالوا ينكرون أن يبعث الله بشراً رسولاً ، فلما علموا بتكرير الله الحجج أن الرسل لم يكونوا إلا رجالاً من أهل القرى ، جاؤوا بالإنكار من وجه آخر ، وهو تحكمهم أن يكون أحد هذين ، وقولهم هذا القرآن ذكر له على وجه الاستهانة به ، وأرادوا بعظم الرجل رياسته وتقدّمه في الدنيا ، وعزب عن عقولهم أن العظيم من كان عند الله عظيماً .