Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 51-53)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ } جعلهم محلاً لندائه وموقعاً له . والمعنى أنه أمر بالنداء في مجامعهم وأماكنهم من نادى فيها بذلك ، فأسند النداء إليه ، كقولك قطع الأمير اللص ، إذا أمر بقطعه . ويجوز أن يكون عنده عظماء القبط ، فيرفع صوته بذلك فيما بينهم ، ثم ينشر عنه في جموع القبط ، فكأنه نودي به بينهم فقال { أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلاْنْهَـٰرُ } يعني أنهار النيل ومعظمهما أربعة نهر الملك ، ونهر طولون ، ونهر دمياط ، ونهر تنيس قيل كانت تجري تحت قصره . وقيل تحت سريره لارتفاعه . وقيل بين يدي في جناني وبساتيني . ويجوز أن تكون الواو عاطفة للأنهار على ملك مصر . وتجري نصب على الحال منها ، وأن تكون الواو للحال ، واسم الإشارة مبتدأ ، والأنهار صفة لاسم الإشارة ، وتجري خبر للمبتدأ وليت شعري كيف ارتقت إلى دعوة الربوبية همة من تعظم بملك مصر ، وعجب الناس من مدى عظمته ، وأمر فنودي بها في أسواق مصر وأزقتها لئلا تخفى تلك الأَبَّهَة والجلالة على صغير ولا كبير وحتى يتربع في صدور الدهماء مقدار عزته وملكوته . وعن الرشيد أنه لما قرأها قال لأولينها أخس عبيدي ، فولاها الخصيب ، وكان على وضوئه . وعن عبد الله بن طاهر أنه وليها ، فخرج إليها فلما شارفها وقع عليها بصره قال أهي القرية التي افتخر بها فرعون حتى قال أليس لي ملك مصر ، والله لهي أقل عندي من أن أدخلها ، فثنى عنانه { أَمْ أَنَا خَيْرٌ } أم هذه متصلة ، لأنّ المعنى أفلا تبصرون أم تبصرون ، إلا أنه وضع قوله { أَنَا خَيْرٌ } موضع تبصرون لأنهم إذا قالوا له أنت خير ، فهم عنده بصراء ، وهذا من إنزال السبب منزلة المسبب . ويجوز أن تكون منقطعة على بل أأنا خير ، والهمزة للتقرير ، وذلك أنه قدم تعديد أسباب الفضل والتقدّم عليهم من ملك مصر وجرى الأنهار تحته ، ونادى بذلك وملأ به مسامعهم ، ثم قال أنا خير كأنه يقول أثبت عندكم واستقر أني أنا خير وهذه حالي { مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى هُوَ مَهِينٌ } أي ضعيف حقير . وقرىء « أما أنا خير » { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } الكلام لما به من الرُّتة يريد أنه ليس معه من العدد وآلات الملك والسياسة ما يعتضد به ، وهو في نفسه مخل بما ينعت به الرجال من اللسن والفصاحة ، وكانت الأنبياء كلهم أبيناء بلغاء . وأراد بإلقاء الأسورة عليه إلقاء مقاليد الملك إليه ، لأنهم كانوا إذا أرادوا تسويد الرجل سوّروه بسوار وطوّقوه بطوق من ذهب { مُقْتَرِنِينَ } إما مقترنين به من قولك قرنته فاقترن به ، وإما من اقترنوا ، بمعنى تقارنوا لما وصف نفسه بالملك والعزة ووازن بينه وبين موسى صلوات الله عليه ، فوصفه بالضعف وقلة الأعضاد اعترض فقال هلا إن كان صادقاً ملكه ربه وسوّده وسوّره ، وجعل الملائكة أعضاده وأنصاره . وقرىء « أساور جمع أسورة » وأساوير جمع أسوار وهو السوار ، وأساورة على تعويض التاء من ياء أساوير . وقرىء « ألقي عليه أسورة » وأساور ، على البناء للفاعل ، وهو الله عز وجل .