Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 1-3)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هو فتح مكة ، وقد نزلت مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكة عام الحديبية عدة له بالفتح ، وجيء به على لفظ الماضي على عادة ربّ العزة سبحانه في أخباره لأنها في تحققها وتيقنها بمنزلة الكائنة الموجودة ، وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخْبِر ما لا يخفى . فإن قلت كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة ؟ قلت لم يجعل علة للمغفرة ، ولكن لاجتماع ما عدّد من الأمور الأربعة وهي المغفرة وإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم والنصر العزيز ، كأنه قيل يسرنا لك فتح مكة ، ونصرناك على عدوّك ، لنجمع لك بين عز الدارين وأغراض العاجل والآجل . ويجوز أن يكون فتح مكة - من حيث إنه جهاد للعدوّ - سبباً للغفران والثواب والفتح والظفر بالبلد عنوة أو صلحاً بحرب أو بغير حرب ، لأنه منغلق ما لم يظفر به ، فإذا ظفر به وحصل في اليد فقد فتح . وقيل هو فتح الحديبية ، ولم يكن فيه قتال شديد ، ولكن ترام بين القوم بسهام وحجارة . وعن ابن عباس رضي الله عنه رموا المشركين حتى أدخلوهم ديارهم . وعن الكلبي ظهروا عليهم حتى سألوا الصلح . فإن قلت كيف يكون فتحاً وقد أحصروا فنحروا وحلقوا بالحديبية ؟ قلت كان ذلك قبل الهدنة ، فلما طلبوها وتمت كان فتحاً مبيناً . وعن موسى بن عقبة 1041 أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية راجعاً ، فقال رجل من أصحابه ما هذا بفتح ، لقد صدّونا عن البيت وصد هدينا ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال " بئس الكلام هذا ، بل هو أعظم الفتوح ، وقد رضى المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح ، ويسألوكم القضية ، ويرغبوا إليكم في الأمان ، وقد رأوا منكم ما كرهوا " ، وعن الشعبي 1042 نزلت بالحديبية وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة ما لم يصب في غزوة أصاب أن بويع بيعة الرضوان ، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ، وظهرت الروم على فارس وبلغ الهدى محله ، وأطعموا نخل خيبر ، وكان في فتح الحديبية آية عظيمة . وذلك أنه نزح ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة ، فتمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مجه فيها ، فدرت بالماء حتى شرب جميع من كان معه . وقيل فجاش الماء حتى امتلأت ولم ينفد ماؤها بعد - وقيل هو فتح خيبر ، وقيل فتح الروم . وقيل فتح الله له بالإسلام والنبوّة والدعوة بالحجة والسيف ، ولا فتح أبين منه وأعظم ، وهو رأس الفتوح كلها ، إذ لا فتح من فتوح الإسلام إلا وهو تحته ومتشعب منه . وقيل معناه قضينا لك قضاء بيناً على أهل مكة أن تدخلها أنت وأصحابك من قابل لتطوفوا بالبيت من الفتاحة وهي الحكومة ، وكذا عن قتادة { مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } يريد جميع ما فرط منك . وعن مقاتل ما تقدم في الجاهلية وما بعدها . وقيل ما تقدم من حديث مارية وما تأخر من امرأة زيد { نَصْراً عَزِيزاً } فيه عز ومنعة - أو وصف بصفة المنصور إسناداً مجازياً أو عزيزاً صاحبه .