Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 3-3)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ } من قولك امتحن فلان لأملا كذا وجرب له ، ودرب للنهوض به . فهو مضطلع به غير وان عنه . والمعنى أنهم صبر على التقوى ، أقوياء على احتمال مشاقها . أو وضع الامتحان موضع المعرفة لأنّ تحقق الشيء باختباره ، كما يوضع الخبر موضعها ، فكأنه قيل عرف الله قلوبهم للتقوى ، وتكون اللام متعلقة بمحذوف ، واللام هي التي في قولك أنت لهذا الأمر ، أي كائن له ومختص به قال @ أَنْتَ لَهَا أَحْمَدُ مِنْ بَيْنِ الْبَشَر أَعَدَّاءٌ مَنْ لِلْيَعْمُلاَتِ عَلَى الْوَجَى @@ وهي مع معمولها منصوبة على الحال . أو ضرب الله قلوبهم بأنواع المحن والتكاليف الصعبة لأجل التقوى ، أي لتثبت وتظهر تقواها ، ويعلم أنهم متقون لأن حقيقة التقوى لا تعلم إلا عند المحن والشدائد والاصطبار عليها . وقيل أخلصها للتقوى . من قولهم امتحن الذهب وفتنه ، إذا أذابه فخلص إبريزه من خبشه ونقاه . وعن عمر رضي الله عنه أذهب الشهوات عنها . والامتحان افتعال ، من محنه ، وهو اختبار بليغ أو بلاء جهيد . قال أبو عمرو كل شيء جهدته فقد محنته . وأنشد @ أَتَتْ رَذَايَا بَادِياً كِلاَلُهَا قَدْ مَحَنَتْ وَٱضْطَرَبَتْ آطَالُهَا @@ قيل أنزلت في الشيخين رضي الله عنهما ، لما كان منهما من غض الصوت والبلوغ به أخا السرار . وهذه الآية بنظمها الذي رتبت عليه من إيقاع الغاضين أصواتهم اسماً لأنّ المؤكدة . وتصيير خبرها جملة من مبتدأ وخبر معرفتين معاً . والمبتدأ اسم الإشارة ، واستئناف الجملة المستودعة ما هو جزاؤهم على عملهم ، وإيراد الجزاء نكرة مبهماً أمره ناظرة في الدلالة على غاية الاعتداد والارتضاء لما فعل الذين وقروا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خفض أصواتهم ، وفي الإعلام بمبلغ عزة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدر شرف منزلته ، وفيها تعريض بعظيم ما ارتكب الرافعون أصواتهم واستيجابهم ضد ما استوجب هؤلاء .