Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 33-54)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَكْدَىٰ } قطع عطيته وأمسك ، وأصله من إكداء الحافر ، وهو أن تلقاه كدية وهي صلابة كالصخرة فيمسك عن الحفر ، ونحوه أجبل الحافر ، ثم استعير فقيل أجبل الشاعر إذا أفحم . روى 1104 أن عثمان رضي الله عنه كان يعطي ما له في الخير ، فقال له عبد الله بن سعد بن أبي سرح وهو أخوه من الرضاعة يوشك أن لا يبقي لك شيء ، فقال عثمان إن لي ذنوباً وخطايا ، وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوه ، فقال عبد الله أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها ، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن العطاء . فنزلت . ومعنى { تَوَلَّىٰ } ترك المركز يوم أحد ، فعاد عثمان إلى أحسن من ذلك وأجمل { فَهُوَ يَرَىٰ } فهو يعلم أن ما قاله له أخوه من احتمال أو زاره حق { وَفَّىٰ } قرىء مخففاً ومشدّداً ، والتشديد مبالغة في الوفاء . أو بمعنى وفر وأتم ، كقوله تعالى { فَأَتَمَّهُنَّ } البقرة 124 وإطلاقه ليتناول كل وفاء وتوفية ، من ذلك تبليغه الرسالة ، واستقلاله بأعباء النبوّة ، والصبر على ذبح ولده وعلى نار نمروذ ، وقيامه بأضيافه وخدمته إياهم بنفسه ، وأنه كان يخرج كل يوم فيمشي فرسخاً يرتاد ضيفاً ، فإن وافقه أكرمه ، وإلا نوى الصوم . وعن الحسن ما أمره الله بشيء إلا وفى به . وعن الهزيل بن شرحبيل كان بين نوح وبين إبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة غيره ، ويقتل بأبيه وابنه وعمه وخاله ، والزوج بامرأته ، والعبد بسيده فأوّل من خالفهم إبراهيم . وعن عطاء بن السائب عهد أن لا يسأل مخلوقاً ، فلما قذف في النار قال له جبريل وميكائيل ألك حاجة ؟ فقال . أمّا إليكما فلا . وعن النبي صلى الله عليه وسلم 1105 " وفّى عمله كل يوم بأربع ركعات في صدر النهار ، وهي صلاة الضحى " وروى 1106 ألا أخبركم لم سمى الله خليله { ٱلَّذِى وَفَّىٰ } ؟ كان يقول إذا أصبح وأمسى { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ … } إلى { … حِين تُظْهِرُونَ } الروم 17 وقيل وفي سهام الإسلام وهي ثلاثون عشرة في التوبة التائبون … وعشرة في الأحزاب { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ … } وعشرة في المؤمنين { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ … } وقرىء « في صحف » ، بالتخفيف { أَلاَّ تَزِرُ } أن مخففة من الثقيلة . والمعنى أنه لا تزر ، والضمير ضمير الشأن ، ومحل أن وما بعدها الجر بدلاً من ما في صحف موسى . أو الرفع على هو أن لا تزر ، كأن قائلاً قال وما في صحف موسى وإبراهيم ، فقيل أن لا تزر { إِلاَّ مَا سَعَىٰ } إلا سعيه . فإن قلت أما صح في الأخبار الصدقة عن الميت ، والحج عنه ، وله الإضعاف ؟ قلت فيه جوابان ، أحدهما أن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنياً على سعي نفسه ـــ وهو أن يكون مؤمناً صالحاً وكذلك الإضعاف ـــ كأن سعى غيره كأنه سعى نفسه ، لكونه تابعاً له وقائماً بقيامه . والثاني أن سعي غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه ، ولكن إذا نواه به فهو بحكم الشرع كالنائب عنه والوكيل القائم مقامه { ثُمَّ يُجْزَاهُ } ثم يجزى العبد سعيه ، يقال أجزاه الله عمله وجزاه على عمله ، بحذف الجار وإيصال الفعل . ويجوز أن يكون الضمير للجزاء ، ثم فسره بقوله { ٱلْجَزَاءَ ٱلأَوْفَىٰ } أو أبدله عنه ، كقوله تعالى { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } الأنبياء 3 ، { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ 42 } قرىء بالفتح على معنى أن هذا كله في الصحف ، وبالكسر على الابتداء ، وكذلك ما بعده . والمنتهى مصدر بمعنى الانتهاء ، أي ينتهي إليه الخلق ويرجعون إليه ، كقوله تعالى { إِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } فاطر 18 . { أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } خلق قوتي الضحك والبكاء { إِذَا تُمْنَىٰ } إذا تدفق في الرحم ، يقال منى وأمنى . وعن الأخفش تخلق من منى الماني ، أي قدر المقدّر قرىء « النشأة » « النشاءة » بالمد . وقال عليه لأنهاواجبة عليه في الحكمة ، ليجازى على الإحسان والإساءة { وَأَقْنَىٰ } وأعطى القنية وهي المال الذي تأثلته وعزمت أن لا تخرجه من يدك { ٱلشِّعْرَىٰ } مرزم الجوزاء وهي التي تطلع وراءها ، وتسمى كلب الجبار ، وهما شعريان الغميصاء والعبور وأراد العبور . وكانت خزاعة تعبدها ، سنّ لهم ذلك أبو كبشة رجل من أشرافهم ، وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم أبو كبشة ، تشبيهاً له به لمخالفته إياهم في دينهم ، يريد أنه رب معبودهم هذا . عاد الأولى قوم هود ، وعاد الأخرى إرم . وقيل الأولى القدماء لأنهم أوّل الأمم هلاكاً بعد قوم نوح ، أو المتقدمون في الدنيا الأشراف . وقرىء « عاد لولي » وعاد لولى ، بإدغام التنوين في اللام وطرح همزة أولى ونقل ضمتها إلى لام التعريف وثمودا وقرىء وثمود { أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ } لأنهم كانوا يؤذونه ويضربونه حتى لا يكون به حراك ، وينفرون عنه حتى كانوا يحذرون صبيانهم أن يسمعوا منه ، وما أثر فيهم دعاؤه قريباً من ألف سنة { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ } والقرى التي ائتفكت بأهلها ، أي انقلبت ، وهم قوم لوط ، يقال أفكه فائتفك وقرىء « والمؤتفكات » { أَهْوَىٰ } رفعها إلى السماء على جناج جبريل ، ثم أهواها إلى الأرض أي أسقطها { مَا غَشَّىٰ } تهويل وتعظيم لما صب عليها من العذاب وأمطر عليها من الصخر المنضود .