Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 27-27)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ الحسن « الأنجيل » بفتح الهمزة ، وأمره أهون من أمر البرطيل والسكينة فيمن رواهما بفتح الفاء ، لأنّ الكلمة أعجمية لا يلزم فيها حفظ أبنية العرب . وقرىء « رآفة » على فعالة ، أي وفقناهم للتراحم والتعاطف بينهم . ونحوه في صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم { رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } الفتح 29 . والرهبانية ترهبهم في الجبال فارّين من الفتنة في الدين ، مخلصين أنفسهم للعبادة ، وذلك أنّ الجبابرة ظهروا على المؤمنين بعد موت عيسى ، فقاتلوهم ثلاث مرات ، فقتلوا حتى لم يبق منهم إلا القليل ، فخافوا أن يفتنوا في دينهم ، فاختاروا الرهبانية ومعناه الفعلة المنسوبة إلى الرهبان ، وهو الخائف فعلان من رهب ، كخشيان من خشى . وقرىء « ورهبانية » بالضم ، كأنها نسبة إلى الرهبان وهو جمع راهب كراكب وركبان ، وانتصابها بفعل مضمر يفسره الظاهر تقديره . وابتدعوا رهبانية { ٱبتَدَعُوهَا } يعني وأحدثوها من عند أنفسهم ونذروها { مَا كَتَبْنَـٰهَا عَلَيْهِمْ } لم نفرضها نحن عليهم { إِلاَّ ٱبْتِغَاءَ رِضْوٰنِ ٱللَّهِ } استثناء منقطع ، أي ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله { فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا } كما يجب على الناذر رعاية نذره لأنه عهد مع الله لا يحل نكثه { فَئَاتَيْنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } يريد أهل الرحمة والرأفة الذين اتبعوا عيسى { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ } الذين لم يحافظوا على نذرهم . ويجوز أن تكون الرهبانية معطوفة على ما قبلها ، وابتدعوها صفة لها في محل النصب ، أي وجعلنا في قلوبهم رأفة ورحمة ورهبانية مبتدعة من عندهم ، بمعنى وفقناهم للتراحم بينهم ولابتداع الرهبانية واستحداثها ، ما كتبناها عليهم إلا ليبتغوا بها رضوان الله ويستحقوا بها الثواب ، على أنه كتبها عليهم وألزمها إياهم ليتخلصوا من الفتن ويبتغوا بذلك رضا الله وثوابه ، فما رعوها جميعاً حق رعايتها ولكن بعضهم ، فآتينا المؤمنين المراعين منهم للرهبانية أجرهم ، وكثير منهم فاسقون . وهم الذين لم يرعوها .