Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 7-7)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَا يَكُونُ } من كان التامة . وقرىء بالياء والتاء ، والياء على أنّ النجوى تأنيثها غير حقيقي ومن فاصله . أو على أنّ المعنى ما يكون شيء من النجوى . والنجوى التناجي ، فلا تخلو إما أن تكون مضافة إلى ثلاثة ، أي من نجوى ثلاثة نفر . أو موصوفة بها ، أي من أهل نجوى ثلاثة ، فحذف الأهل . أو جعلوا نجوا في أنفسهم مبالغة ، كقوله تعالى { خَلَصُواْ نَجِيّا } يوسف 80 وقرأ ابن أبي عبلة « ثلاثة وخمسة » ، بالنصب على الحال بإضمار يتناجون لأن نجوى يدل عليه . أو على تأويل نجوى بمتناجين ، ونصبها من المستكن فيه . فإن قلت ما الداعي إلى تخصيص الثلاثة والخمسة ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما أن قوما من المنافقين تحلقوا للتناجي مغايظة للمؤمنين على هذين العددين ثلاثة وخمسة ، فقيل ما يتناجى منهم ثلاثة ولا خمسة كما ترونهم يتناجون كذلك { وَلاَ أَدْنَىٰ مِن } عدديهم { وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ } والله معهم يسمع ما يقولون ، فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنه أنها نزلت في ربيعة وحبيب ابني عمرو وصفوان بن أمية كانوا يوماً يتحدثون ، فقال أحدهم أترى أن الله يعلم ما نقول ؟ فقال الآخر يعلم بعضاً ولا يعلم بعضاً . وقال الثالث إن كان يعلم بعضاً فهو يعلم كله وصدق . لأن من علم بعض الأشياء بغير سبب فقد علمها كلها لأن كونه عالماً بغير سبب ثابت له مع كل معلوم ، والثاني أنه قصد أن يذكر ما جرت عليه العادة من أعداد أهل النجوى والمتخالين للشورى والمندبون لذلك ليسوا بكل أحد وإنما هم طائفة مجتباة من أولى النهى والأحلام ، ورهط من أهل الرأي والتجارب ، وأول عددهم الاثنان فصاعداً إلى خمسة إلى ستة إلى ما اقتضته الحال وحكم الاستصواب . ألا ترى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كيف ترك الأمر شورى بين ستة ولم يتجاوز بها إلى سابع ، فذكر عز وعلا الثلاثة والخمسة وقال { وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ } فدلّ على الاثنين والأربعة وقال { وَلاَ أَكْثَرَ } فدلّ على ما يلي هذا العدد ويقاربه . وفي مصحف عبد الله إلا الله رابعهم ، ولا أربعة إلا الله خامسهم ، ولا خمسة إلا الله سادسهم ، ولا أقل من ذلك ولا أكثر إلا الله معهم إذا انتجوا . وقرىء « ولا أدنى من ذلك ولا أكثر » ، بالنصب على أن لا لنفي الجنس . ويجوز أن يكون ولا أكثر ، بالرفع معطوفاً على محل مع أدنى ، كقولك لا حول ولا قوّة إلا بالله ، بفتح الحول ورفع القوّة . ويجوز أن يكون مرفوعين على الابتداء ، كقولك لا حول ولا قوّة إلا بالله ، وأن يكون ارتفاعهما عطفاً على محل لا { مِن نَّجْوَىٰ } كأنه قيل ما يكون أدنى ولا أكثر إلا هو معهم . ويجوز أن يكونا مجرورين عطفاً على نجوى ، كأنه قيل ما يكون من أدنى ولا أكثر إلا هو معهم . وقرىء « ولا أكبر » بالباء . ومعنى كونه معهم أنه يعلم ما يتناجون به ولا يخفى عليه ما هم فيه ، فكأنه مشاهدهم ومحاضرهم ، وقد تعالى عن المكان والمشاهدة . وقرىء « ثم ينبئهم » على التخفيف .